عبد الرحمن بشنّاتي

عبد الرحمن بشنّاتي المتطوّع في الدفاع المدني لسنواتٍ طويلة تدهورت أحواله اثر انفجار 4 آب فخسر حياته.

عبد الرحمن بشنّاتي ابن منطقة البسطة التحتا الذي ولد في العام 1976، من عائلة متواضعة مؤلفة من خمسة اولاد، ظروفها المادية منعته من الالتحاق بالمدرسة والحصول العلمي، الا أن التجارب الحياتية كانت كفيلة بتلقينه دروساً مع كل تجربةٍ يخرج منها سليماً. روايته ليست كغيرها من الحكايات الحزينة التي خلفها انفجار مرفأ بيروت، بل هي كناية عن قهرٍ وألم كبيرين، الأمر الذي شكّل فاجعةً لبناته الثلاث.

تزوج قبل عقدٍ من الزمن ورزق بثلاث بنات أعمارهن تتراوح بين 7 و 13 سنة.

حياة عبد الرحمن لم تكن سهلة، بل كانت قاسية لا سيما في جني المال والحصول على لقمة العيش، فعمل كبائع قهوة متجول على عربةٍ في منطقة الباشورة، وشغفاً بالعمل الانساني تطوع في الدفاع المدني.

يوم الرابع من آب ترك عربة القهوة ولبى نداء الواجب، فبعد أن تلقى خبر اندلاع حريقٍ في المرفأ، توجه مباشرةً الى الفوج للانطلاقٍ في مهمته الانسانية مع زملائه، الا أن وقوع الإنفجار أدى الى سقوط الخزانة الخشبيّة عليه فعلقت رجله اليسرى تحت الركام، وغرزت في جسده شظايا زجاجٍ ما استدعى نقله إلى المستشفى.

تخبر شقيقته وفاء الحادثة التي دمرّت حياة عبد الرحمن قائلةً: " يومها نقله رفاق له في الدفاع المدني إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي لتقطيب جراحه وعاد إلى منزله في الضاحية الجنوبية". إلاّ أنّ جراحه لم تلتئم بسبب إصابته بالسكري، ظهرت علامات زرقاء على رجله، فما كان منه إلاّ أن توجه إلى المستشفى الميداني آنذاك التابع لدولة المغرب، ليتبين أن ساقه أصيبت بالغرغرينا، فدخل مستشفى الحريري من جديد وبترت رجله الملتهبة للحفاظ على حياته التي أصبحت روتينة ومملة في آواخر 2022.

ان اصابته بالاعاقة الدائمة أبعدته عن المجتمع وعزلته عن الناس وأهله. وبسبب عدم جهوزية وملاءمة وضع بيته لحالته الصحية ترك منزله في برج البراجنة واتخذ زاويةً له في مركز الدفاع المدني، معتمداً على مساعداتٍ من هنا وهناك. لكن وضعه الصحي بدأ يتدهور يوماً بعد يوم، اذ تبيّن أنه يحتاج لاجراء عملية القلب المفتوح لم يستطع اجراءها، بسبب كلفتها المرتفعة وعدم امتلاكه المبلغ المطلوب أي ( 40 مليون ليرة لبنانية) فأمضى ايامه المتبقية يصارع الآلام و الأوجاع الى ان توفي يوم ٢٧ أيلول ٢٠٢٢تاركاً بناته لمواجهة الحياة من دون أبٍ يعتمدن عليه. الأمر الذي يقلق شقيقته وفاء وتطلب مساعدة بناته الثلاث من قبل أصحاب الأيادي البيضاء لأن العمة وحدها لا تستطيع توفير كل ما يحتجن اليه، بعد أن خسرن والدهن الذي سقط ضحية انسانيته ونخوته...

Arabic