لم تكتب لها يد الغدر أن يبلغ عمرها عدد أصابع اليد الواحدة، لكنّها أنجزت الكثير في أقلّ من 4 سنوات. أصبحت بسرعة البرق "محبوبة جماهير 17 تشرين" الذين افتقدوا ابتسامتها وحماستِها خلال التّظاهرات ضدّ النّظام.
هي ألكسندرا الإبنة البكر والوحيدة لعائلة نجّار، والثّمرة الأولى لحبّ والديها بول وتريسي. وُلدت "ليكسو"، كما يحلو لوالديها المفجوعيْن مناداتها، في بيروت وترعرعت في ساحاتها وشوارعها بعد أن قرّر والدها الذي كان يعمل في قطر العودة للاستقرار مع عائلته في لبنان.
ارتادت حضانة "كلير معصّب" في الصّيفي وكسبت عدداً من الصّديقات والأصدقاء أحبّتهم وأحبّوها، وكانت تتواصل معهم حتى خارج الحضانة، ومع أصدقاء والديها في الخارج عبر تطبيقات الإنترنت. كانت إجتماعيّة بشكل لافت، تزرع الحبّ والفرح في نفوس الآخرين. كان عالم "ديزني" يستحوذ على عقلها في الآونة الأخيرة تحبّ ارتداء زيّ "بياض الثّلج" و"الأميرة النّائمة" وغالباً ما اتّصلت بجدّيْها لوالدها وجدّها لوالدتِها لتسْألهم الإتّصال بالسّاحرة الشّريرة في القصّة لتوبيخِها على أفعالها السّيّئة.
تميّزت عن سائر أطفال جيلها بأنّها حَمَلت لواء الثّورة باكراً. هي الطّفلة الجميلة، ذات النّظرات الثّاقبة التي تحكي عن ذكائها، وذات الإبتسامة التي لا تُفارق محيّاها. حَلُمت بمستقبل أفضل وعبّرت عن ذلك عندما سارت مع المتظاهرين رغم فوارق السّنّ والطّائفة والدّين والانتماءات، حتّى وإن كانت ساحة الشّهداء تُمثّل لها واحة للتّسلية والاحتفال والغناء مع الأصدقاء.
أطفأت ليكسو شمعاتها الثّلاث وعاشت 7 أشهر في زمن وباء "كورونا" الرّديء. يوم الثّلاثاء المشؤوم كانت في المنزل تلعب. لحظة وقوع الإنفجار تلقّت ضربة قويّة على رأسها فطرحتها أرضاً، وفيما حاولت والدتها أن تحميها بجسدها، أصيبت هي الأخرى. حَمَلها والدها، على ما يروي، وذهب سيراً على الأقدام مع تريسي إلى مستشفى الورديّة في أسفل المنزل فكانت مدمّرة، وكذلك مركز الصّليب الأحمر حتّى وجد سائق درّاجة نقله وألكسندرا التي كانت تئنّ محاولةً التّنفّس إلى مستشفى الرّوم حيث لقيت العناية وأُدخلت في غيبوبة محدثة لإنقاذها.
نجمة الثّورة" وإحدى أصغر ضحايا انفجار بيروت المزلزل، سُلبت منها الطّفولة. لم يتمكّن جسدها الصّغير والبريء الصّمود أمام إجرام المهملين الذين كان بإمكانهم أن يُجنّبوا بيروت مثل هذه الكارثة.
رَحَلت "شهيدة الحبّ" بعد يومين ونصف من الألم بعد أن توقّف قلبها. إلاّ أنّ جسمها الغضّ لم يمنعها من أن تُصبح "قائدة الثّورة" و أيقونتها، و فراشتها الهاربة من الضّوء.. ونسمعها تقول: "أنا ألكسندرا نجّار حملت لواء العدالة وطالبت بالسّلام ورفع الظّلم عن شعبي، فارتكبْتم أبشع جريمة بحقّه، أطالبكم بحماية الأطفال في بلادي وبإعادةِ الحقوق المهدورة لكلّ إنسان لبناني. فهل مَن يسمع؟!".