ولد محمد البرجاوي في بيروت منطقة النويري في الحادي عشر من شهر حزيران ١٩٨٥، في كنف عائلةٍ مؤلفة من ثلاثة أولاد. لم تكن سنوات محمد سهلة، فمنذ طفولته بدأ يعاني من تمزق في اوتار رجليه ترافق مع ضعف في عضلة قلبه. التحق بمدرسة مار الياس على امل أن يُنهي تحصيله العلمي فيها، إلا أنّ وضعه الصحي حال دون ذلك، فاكتفى باجتياز الصف الثالث ابتدائي ليكمل تعليمه في البيت، وكانت والدته وأخوته مُعلميه.
عام ٢٠١٧ بدأ محمد يتفاعل مع العلاج الفيزيائي فبات قادرًا على الوقوف على رجليه بمساعدة العكازات، وعلاجه كان بطيئًا بطلب من الدكتور المشرف على صحته، عبارة عن فيتامينات وليس مضادات حيوية وذلك تخوفًا على عضلة قلبه وتجنبًا لأي دقات قلب سريعة.
لم يتوان محمد يومًا عن متابعة كل ما هو متعلق بالتكنولوجيا الرقميّة، فكان شغوفاً بلعبة كرة القدم، وحبه للريال مدريد جعله يلتحق إلكترونيًا بالفريق ويتفاعل مع اللاعبين والمُشجعين رقميًا لدرجة حل أي سوء تفاهمٍ قد يقع بينهم.
مرّت الأيام ومحمد بقي في منزله المتواضع في أحد أحياء بيروت، ما بين أهله وجيرانه. أتت أزمة كورونا التي كانت من الاسباب الاولى لعدم خروجه الى الشارع وتجنب الإختلاط المباشر مع محيطه الخارجي تخوفًا على وضعه الصحي، ملتزمًا بإرشادات وزارة الصحة و طبيبه المشرف.
إلى أن حلّت كارثة الرابع من آب، و بدّلت الأحوال. كان يومًا طبيعياً روتينيًا في عائلة البرجاوي، عند حدوث الإنفجار الاول، ظن الجميع بأنّ زلزالاً يضرب بيروت، فلم يبقَ لا جامدًا ولا بشراً في مكانه، كل شيء يهتز، لحظات قبل أن يصرخوا بأنّ حربًا قد وقعت.. و يهم محمد للتحرّك على عكازه بمساعدة أخيه ابراهيم، ثوانٍ و يقع الإنفجار الثاني. سقطت الخزانة على ظهره لتزيد اصابته بالاعاقة، الأمر الذي سبّب التواءً بالعمود الفقري إضافة لما يعانيه منذ نشأته على صعيد رجله وقلبه.
بات اليوم محمد أسير منزله حرفيًا، فهو لا يخرج أبدًا بسبب الضربة التي تلقاها، لا يستطيع التحرّك ولا الجلوس لفترةٍ طويلة، بالكاد يمشي ثلاث إلى أربع مرات خلال النهار في منزله، و يلبس جهازاً لمساعدته في شد ظهره.
و على الرغم من تواصل جهات عدة حكومية وغير الحكومية معه للتقصي عن وضعه الصحي واعدةً اياه بتأمين كرسي خاص بحالته، إلا انه لم يلق أي مساعدة لا مادية ولا عينيّة تنتشله مما هو فيه.
تقول والدته" بأنّ كلفة كشف الطبيب باتت عِبئا على كاهل كل مواطن لبناني، فما بالكم بوضع محمد الصحي وكلفة الفيتامينات التي عليه ان يتناولها يومياً خاصة بعد رفع الدعم عنها.
علاج محمد بات مُتقطعًا خلال هاتين السنتين. كل ما يطلبه اليوم "أن تنظر وزارة الصحة الى حالته وتؤمن له الطبابة والعلاج اللازمين ليعود كما كان، أقله قادرًا على خدمة نفسه بنفسه.
وعن حلمه قال محمد: "عربة بثلاث عجلات استخدمها لأخرج من المنزل وأرى العالم"، كونه غير مُدرك عما يحدث في الخارج وغير منخرطٍ إجتماعيّا منذ صغره.