عانى سعيد شرفان من آثار هول انفجار مرفأ بيروت كما عانى الكثيرون مثله في ذاك اليوم المشؤوم، ويروي تفاصيل ما جرى معه في آب 2020 قائلاً: "تنذكر وما تنعاد".
شعر سعيد، الرجل المعوق حركياً بسبب "غلطة حكيم"، وكأن زلزالاً ضرب المنطقة حيث يقطن في محيط جل الديب. ويوم الانفجار تأذى بشكل أكبر ليقوم طبيب آخر بزيادة "الطين بلة" على قدمه المصابة تلك وتزداد نسبة الخطأ الطبي..
انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الذي وصل دويه الى قبرص، لم يسلم منه بيته، سقط عليه حائط الصالون حيث ينام على اريكته بشكلٍ يومي ويتخذ منها ملاذاً له، فكان لسقوط الحجارة أثره الكبير على جسده الخائر والهزيل أصلاً الذي كان لا يقوى على الحركة.
تروي ابنته مايا ما جرى وتقول: "كان المنظر مرعباً، ظننا للوهلة الأولى أننا متنا جميعاً أو على وشك مفارقة الحياة.. حملنا الوالد وذهبنا به إلى المستشفى برفقة أمي وإخوتي، تأخر الطبيب المعالج ليحضر وكانت المعاملات تسير ببطء.. ولم نعرف بأن والدي قد تأذى بالكامل إلا بعد أسبوعين حينما أصيب بشلل كامل برجله..كما فقد أسنانه نتيجة الأمراض التي تفتك بجسمه".
كبر عبء علاجه وأصبح أكثر ثقلاً، والإعاقة المستجدة، ألقت بمسؤولية التكاليف بكاملها على كاهل الابنة ماريا، وهو الذي كان يعمل في بيع الجزادين وأحيانا كثيرة يصطاد السمك ويبيعه ويطعم عائلته من خيرات البحر.. وتحول من معيلٍ الى عاطلٍ عن العمل، بسبب عدم قدرته على تأدية المهمات الحياتية حرم من هوايته المفضلة، صيد السمك.
وها هي حالة سعيد النفسية تسوء يوماً بعد يوم، وأصبح الجميع في المنزل يتجنب الجلوس بقربه، لا تعلم متى يبدأ بالصراخ على الحاضرين وعلى الواقع المرير الذي بلغه، والدواء الذي وصفه الطبيب له كعلاج دائم لحالته العصبية، أضحى ثمنه باهظاً ولا يمكن تأمينه، فشراؤه عبء اضافي على الأعباء المعيشية وعدمه يعني عودة حالة الهلوسة لدى سعيد. وأمام عجز سعيد، تقف ماريا عاجزة عن إنقاذ الوضع في بلدٍ لم يؤمن لأبنائه أبسط مقومات الحياة الكريمة فتذهب الأحلام هباءً منثورا.
تعمل ابنته في رعاية احدى المسنات مقابل "حفنة" قليلة من المال لتأمين بعض أدوية لسعيد ابن الـ64 عاماً لم يعرف طعم ادوية الأعصاب في حياته قط إلا بعد واقعة انفجار المرفأ.
الى ذلك، ومع تفاقم الازمة المالية التي تضرب العائلة ومع اضطرارها الى العيش في العتمة كون بدل اشتراك المولد الكهربائي غير متوفر، تزداد حالة سعيد اضطراباً حتى أنه لا يقوى على دخول المرحاض إلا بصعوبة بالغة وكأنه يحتاج إلى "معاملات" ليصل إلى باب الحمام .