حياة سركيس داكيسيان الأربعيني كانت تتسم بالاستقرار فهو رب العائلة، الزوج والأب لولدين هما آرمن وألكس وصاحب عمل في مجال التعبئة والتغليف، حتى جاءت تلك الليلة السوداء في الرابع من آب ٢٠٢٠، كما يصفها، لتقلب الموازين، فكان من المستحيل أن يبقى شيء على حاله.
من متجره في مار مخايل المواجه للمرفأ شهد سركيس على ما جرى منذ الخامسة والنصف وحتى "صار اللي صار”: استمر التخبّط ١٥ الى ١٨ ثانيةً، دُفع حوالي سبعة أمتار الى الداخل ليُسحب بعدها نحو الخارج، قبل أن يدفع الى الداخل من جديد. بعينٍ واحدةٍ مفتوحة، استجمع قواه، أزال عنه الأغراض، صعد فوق الكركبةِ وخرج.
بجروحٍ ملأت جسده، وكسرٍ في يده، وبمساعدة "الأوادم" وصل سركيس إلى المستشفى بعد رحلةٍ طويلة. لم يستوعب ما يجري: الكثير من الصراخ والبكاء والوجع".. يحاول أن يشرح: "حرام، في ولاد، في ختايرة، ما بينوصف المشهد".
مضى يومان خضع فيهما لعمليتين جراحيتين، قبل أن ينظر سركيس في المرآة للمرّة الأولى ليفاجأ برؤية وجهه أحمر مليئاً بالقطب وعينه لم تزل مغلقة. استغرق الامر أربعين يوماً ليستعيد سركيس ثمانين في المئة من عافيته، اما العشرون في المئة المتبقية فلم تعد ابداً.
مرّت سنتان وما زال سركيس يحمد الله أن والده كبير السن لم يكن مكانه وليته لم يكن هو أيضًا هناك، ثم يشكر الله على سلامته ويردد: "عندي ولدين رجّعوني، رجعت لعندن". خسر سركيس ١٨ - ٢٠ ألف دولار أميركي من البضائع جرّاء التفجير، لكنه لم يعد يكترث: "ما في شي إله قيمة غير إني قاعد حد ولادي".
على الرغم من مرور ذكرى العامين على التفجير لا يزال سركيس متمسكًا بمعرفة الحقيقة ويحمّل المسؤولين "من الكبير للصغير" مسؤولية تلك الليلة السوداء وتداعياتها ويتمنى أن يعيشوا ما لم يكن مضطراً أن يعيشه، "بس ليعرفوا شو يعني”!
Two years later, Sarkis still wants to know the truth and he holds Lebanon’s politicians altogether responsible for that tragic night and its repercussions. He wishes they would live the hardships he went through when he didn’t even have to, so they would know what it means!