"اتركوا كل شي، وبسرعة خلينا نطلع من البيت، زلزال عم يضرب بيروت"، بهذه الكلمات بدأ روايته، ابن منطقة النويري، الشاب العشريني إبراهيم البرجاوي، ليصف لنا لحظات الرعب التي عاشها مع أخيه محمد يوم الرابع من آب.
ولد إبراهيم في الأول من كانون الثاني 1997 في كنف عائلةٍ مؤلفة من ثلاثة أولاد، هو أصغرهم. يروي مرحلة الطفولة من حياته التي كانت مليئة بالتحديات، قائلاً أنّه عاش طفولته بفرحٍ من دون همومٍ بين أفراد عائلته الميسورة، لينتفض في سن المراهقة وينطلق إلى الحياة ليستكشف العالم الخارجي ويحقق أحلامه ويلبي متطلباته...
تلقى علومه الأساسية في مدرسة مار الياس بطينا، ثم انتقل إلى مدرسة الحريري مُجتازا فيها مرحلة البريفيه، ثم تابع تحصيله العلمي وتخصص في المعهد الفني GIA AGI في مجال تركيب الأحجار الكريمة، الذي عمل فيه ولحسابه الخاص لمدة 12 سنة، محققاً بذلك نتيجة ممتازة على الصعيدين المادي والعملي، الأمر الذي دفعه لتوسيع آفاق عمله والتعمق أكثر في مهنته الفنية التي تتطلب ذوقاً رفيعاً ومهنية عالية. إلا أن كارثة الرابع من آب دمرت أحلامه وبدّلت أحواله ليجد نفسه مرغماً على خوض عمل لم يخطط له مُسبقاً.
يتذكر إبراهيم بألمٍ أحداث يوم الرابع من آب من عام 2020، الذي كان كأي يومٍ عادي. انطلق صباحاً إلى عمله وعاد عصراً إلى منزله حيث كانت عائلته مجتمعة. عند السادسة وسبع دقائق لدى سماع الارتجاج القوي الذي سبق الانفجار، ظن الجميع بأنّ زلزالاً يضرب بيروت، لكن عندما وقع الانفجار الأول اعتقد إبراهيم مع دخول الهواء الأصفر المكان بأنّ قارورة غاز قد انفجرت. إلا أن الأمر كان غير ذلك، كان كارثة، انفجرت الدنيا. تغيّر شكل البيت لم يعد كما كانت حاله قبل ثوانٍ، تناثر الزجاج في كل مكان وانغرس في جسدي أخيه محمد ووالده اللذين اصيبا إصابةً قاسية. أمّا ابراهيم فقد وقف مصدوماً وحائراً في أمره لما تراه عيناه".
بعد مرور بضعة أيام، شعر إبراهيم بتسارع في نبضات قلبه، ما استدعى زيارة الطبيب الذي طلب منه إجراء فحوصات ليتبين من خلال التقارير الطبية أنه وبسبب الصدمة والجمود اللذين تعرض لهما يوم الرابع من آب، أدى إلى زيادةٍ في دقات قلبه غير المنتظمة وغير الطبيعية. إلى ذلك، لم يسلم نظره فبدأ يخف ولم يعد يرى بوضوح، ليقصد على إثرها عيادة تعنى بالنظر (Optic clinic) ويكتشف أنّ الغبار الملوّث الذي دخل منزله ذلك اليوم قد تسبب له بمرض السكري، وبالتالي أدى إلى انحرافٍ في قرنية عينيه. إلا أنه لم يتلق العلاج بسبب غلاء المعيشة وظروفه الاقتصادية التي تراجعت كثيراً مثله مثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، من دون أن ننسى الأضرار الجسيمة التي حلّت في منزله بسبب الانفجار.
لهذا، فقد ابراهيم عمله الخاص في تركيب الأحجار الكريمة، وبدأ أخيراً يزاول عملاً جديداً في شركةٍ لاستيراد البضائع بعدما كان قد توقف عن العمل مرغماً لفترةٍ وجيزة من الوقت بعد الانفجار.