"مروءة. تضحية. إخلاص": لم يكن عبثاً هذا الشعار، فقط من يجرؤ ينـضـمّ. وشربل انضمّ الى فوج اطفاء بيروت في 2/1/2018، إلى جانب دراسته الحقوق، عل وظيفته هذه تؤمن له مستقبله. خضع شربل لدورة تدريب في معهد إطفاء بيروت، إضافة لدورة مع فوج التدخل بالجيش اللبناني مدّتها ثلاثة أشهر. عيّن بدايةً، في فوج الإطفاء- طريق الجديدة، ليعمل هناك قُرابة السنة، نقل بعد ذلك إلى مركز الإطفاء في الباشورة، ليستقر في فوج الإطفاء- الكرنتينا مع خاله شربل كرم وابن عمه نجيب حتّي. كان لقب شربل في الفوج "أبو علي"، لأنه صاحب البنيّة القويّة والعضلات المفتولة.
هو مندفع منذ صغره، مفعم بالنشاط والحماس والحيوية. وكان قد تطوع في الدفاع المدني في قريته قرطبا في العام 2014. قبل ذلك بثماني سنوات، انخرط في العمل التطوّعي مـشاركاً عام 2006 في حفر درب الصليب في قرطبا.
اندفاعه هذا وصل الى حد المجازفة ، فمارس عشقه للقيادة على الطرقات الوعرة، بذلك جمع بين العمل الجاد وممارسة الهوايات والتحصيل العلمي.
كم كانت فرحته كبيرة في الرابع من آب حين التقى مع زملائه محافظ بيروت مروان عبود الذي زفّ لهم خبراً سارّاً مفاده العمل على تثبيتهم في الفوج. عادوا جميعهم الى مركزهم فرحين، ليكملوا مهامهم. في هذه الاثناء وصل جورج ، والد شربل، في زيارة تفقدية لبكره، لم يجد شربل وقتاً للقاء ابيه، كان منهمكاً في العمل. ولما حان وقت الاستراحة، غادر شربل لملاقاة صديقته. وما ان عاد الـى مركز عمله عند الساعة الخامسة والنصف حتى تلقى خبر نشوب حريق على المرفأ. فتأهب لمهمته وذهب مع رفاقه في الرحلة الأخيرة، لينفجر العنبر12 عند الساعة 6:07 وينقطع الإتصال بالفوج.
هبً الأب المفجوع من قرطبا باحثًا عن ابنه بين ركام المرفأ، وبمجرّد أن رأى شاباً مُضرجاً بدمائه، حتى هبّ اليه معتقداً أنه شربل، كان جورج مشوشاً، كلّ همه ان يكون فلذة كبده على قيد الحياة. "هذا الجريح ليس شربل": أكد له أحد الضباط، ارتبك الأب واستعاد قواه: فعلا، ليس شربل، لم يكن لدى هذا الشاب وشم على يده بإسم تيريزا، شقيقة شربل.
"ابني أخضر العينين... اين هو؟". سؤال جورج لم يجد الإجابة الاّ بعد تسعة أيام من الإنفجار: وجد شربل أشلاء..
شهر مرّ، تلقى الوالد إتصالا لاستلام المزيد من أشلاء شربل التي وُجدت مؤخرا، ليُعاد ويُفتح المدفن وتُقام صلاة على روحه.