غسان هو الابن البكر لعائلة مؤلفة من اربع اشقاء وثلاث شقيقات، ولد في قرية وادي الدير الشوفية، تزوج “خطيفة” من ابتسام في العام 1983 ورزقا بثلاث فتيات ؛ رنا، رامونا وتاتيانا، وبابن اسمه ايلي.
الاثنين في الثالث من آب اي قبل يوم من الانفجار، عاد غسان مع زوجته ابتسام من القرية التي كان يحبها كثيرا والتي شيد فيها منزلاً للعائلة... وخلال رحلة العودة قال لها: “عملت كل شيء إلّا أنني لم اشترِ ارض لبناء مدفن لي. وكان يجب ان أقوم بذلك من قبل، لقد تاخرت..” وتشاجرا بسبب ما قال، سيما انه في الفترة الاخيرة كان يردد دائماً انه سيرحل قريباً، حتى انه طلب من زوجته ان تستمر في تقديم المساعدة لاشخاص كان يساندهم، فيما لو حصل له اي مكروه.
لم يكن غسان يهتّم فقط بكل تفاصيل عائلته وهمّه الأول تأمين راحتها وحاجاتها، إنما كان صاحب أياد بيضاء في محيطه، ومثله المفضل “كل ما فيه حجار رح نضل نراشق”.
في الساعة الخامسة والربع من عصر الرابع من آب، طلب غسان رقم منزله ليتحدّث مع زوجته ابتسام. كان قد اتّصل بها مرّتين ولم تجب: “ما بدك تسمّعيني صوتك اليوم؟”.. تحدّثا مطولا وسألها عن احوالها واحوال الاولاد لا سيما رامونا التي كانت تنتظر مولودها الاول..وأنهى غسان كلامه :”انتبهي على حالك وعلى الاولاد.. لن آتي اليوم للغداء... بدّلت المناوبة كي نذهب يوم الخميس لزيارة دير المخلص لمناسبة عيد الربّ، سأنام في المكتب وأراك غدا”.
ظل غسان يعمل في اهراءات مرفأ بيروت على مدى 38 عاما كالوكيل والحارس الامين للقمح رغم طروف الحرب لم ينقطع عن عمله، لم ير اولاده يكبرون لكنه كان يخطط لتقاعده ليكون معهم.....
من نافذة مكتبه في اهراءات مرفأ بيروت، رأى غسان الحريق والنار المشتعلة، لكنه لم يكن يعلم السبب. لم يكترث لما يجري في الخارج لأنه كان منهمكاً في التحضير لإفراغ باخرة القمح التي وصلت.. كان مطمئناً إلى انه محميّ داخل المبنى المصنوع من الباطون المسلّح.
فقد الاتصال به بعد انفجار عنبر رقم 12... أسبوعان مرّا وما من خبر عن غسان، كان لا يزال ضمن عداد المفقودين، وأسرته عبثاً تنتظر، إلى ان تبلغت نتائج فحص الحمض النووي في 18 آب 2020.