حياة فاضل

في الثالث من آذار 1953 كان لحياة جرجي فاضل النفس الأول في مسيرة حياتها حيث ابصرت النور وستبدأ الحكاية.
الجميزة، المنطقة التي ترعرت فيها إلى جانب شقيقيها وشقيقاتها الثلاث، ولعبت في ازقتها وتلقت تعليمها في مدرسة العازرية ، فكانت الطفلة المحبوبة صغيرة العائلة المدللة التي تميزت بجمال ونقاء الروح بالإضافة لحنانها الذي ازداد كلما تقدمت في العمر. تلقت تعليمها المهني ووصلت إلى مرحلة متقدمة منه، ثم تزوجت من ميشال زيتون.

فقدت حياة والدتها وهي في رعيان الشباب وقد خصصت الحيز الأكبر من اهتماماتها الاعتناء بها وكانت والدتها الشغل الشاغل لحياة. وها هي وحيدتها اليوم تحرم من عطف حياة ورعايتها.

حياة، تلك الإنسانة التي الهم الوحيد و الأساسي لها هو سلامة ابنتها وصحة زوجها وتماسك العائلة ولا ترى سواه. هي التي لا تستطيع رؤية اي فرد من العائلة الكبيرة والصغيرة مريض فكانت خير جليسة لكل من طلب المساعدة.

"كبرت انا وكبرت معي" و "عاشت معي جميع مراحلي من الطفولة وصولا الى مراحل الشباب" وكانت الزوجة الصالحة وربة المنزل المتقنة لحبها لزوجها ولعملها.

في الرابع من آب في تمام الساعة السادسة والسبع دقائق كان جميع افراد الأسرة في المنزل لحظة وقوع الإنفجار، تأذى الزوج وغابت الفتاة عن الوعي لتستفيق وترى نفسها في المستشفى، العائلة تشتت، نقلت حياة الى مستشفى المقاصد في بيروت لتصارع الموت ويتغلب عليها، ويتوقف نبض الحياة عند حياة، تاركة ابنتها الوحيدة وزوجها المتعب ذا ال85 عاما، يصارعان شبح الفقدان.

تستذكرها ابنتها قائلة: "فقدتها بنفس عمرها الذي كانت فيه حين فقدت هي امها.

رحلت حياة وبقيت ذكرى الانفجار الأليمة تحفر عميقا في ذاكرة عائلتها الصغيرة والكبيرة. فزوجها فقد احدى عينيه في الإنفجار وانتهى ألمه الجسدي مع ألم يغرس في القلب كلما سمع بإسم حياة الزوجة التي احب والتي عاش معها عقودا من الزمن.

ألم الفراق لا يضاهيه ألم سوى نكبة بيروت التي استجرها الانفجار المشؤوم تاركا دمارا هائلا في الأجساد والممتلكات آخذا معه أحباء أبرياء، لا يمكن أن يبلسم جرح فقدانهم الا المحاسبة والعدالة.

Arabic