في غرفة واحدة تضم، الى الوالدين، عشرة اطفال، نشأ حسن كامل حيدر في منطقة الليلكي، في ضاحية بيروت الجنوبية.
حسن لم يكمل تعليمه لظروف مادية، وفي الحادية عشرة من عمره، بدأ يعمل ليعيل عائلته. حتى اللحظة التي استشهد فيها كان لا يزال المعيل الوحيد لوالدته التسعينية. كان يضمن والدته على اسمه في كل ما يلزم من دواء واستشفاء، وهو الذي يصرف عليها في كل ما تحتاجه.. حتى أن والدته لا تنفك تبكي ابنها بقلب مفجوع، ودموع حرقت مقلتيها من شدة البكاء على فقيدها.
جُل ما كان يحلم حسن به هو ان تكون الموسيقى كل حياته.. لكن الرياح
لم تجر كما كان يشتهي.. بقي موظف صيانة في اهراءات مرفأ بيروت على مدى ثلاثين عاما."
كان حنوناً، إحساسه المرهف يدل إلى سمات الفنان في داخله. قد تميز حسن بحبه للموسيقى، فدرسها ليكون عازفا على الغيتار ومنتسبا لنقابة الموسيقيين المحترفين.
تشرب ابنه جاد ذو الخمسة عشر ربيعا حب أبيه للفن، وأصبح يحلم أن يصبح فنانا كما كان يحلم حسن.. شكل الأب والابن ثنائيا رائعا: هو يعزف وولده يغني."
"الموسيقى تجمل الروح، هكذا كان يردد، وروحه كانت جميلة بالفعل. كان يقول لأولاده أحبوا الموسيقى لكي تحبوا الحياة والناس. حسن الاب كان يحلم لأبنائه الثلاثة عكس ما حصل معه، يريدهم ان يكملوا تعليمهم .. كان يعلمهم ان يعيشوا حياتهم بصدق، وأن يبتعدوا عن الغدر وان يساعدوا الناس ما استطاعوا."
قبل اسبوع من الانفجار أخبر حسن صديقا له بأنه يرغب في التقاعد فقد ملَّ العمل في الاهراءات. ويوم حدوث الانفجار لم يكن دوام عمله، الا انه ذهب طوعا.. عند نشوب الحريق الأول أراد حسن ان يبعد سيارته عن مكان الحريق .. ما لحق ان أدار محرك السيارة حتى حدث الانفجار الكبير. توقف قلب حسن على الفور لشدة قوة الصوت وأسلم روحه على الفور .
تخليدا لذكرى حسن الفنان المكافح، وبلغة الموسيقى التي كانت متنفسه الوحيد، رثى جاد والده بأدائه لمرثية مؤثرة من كلمات الشاعر موسى فرحات وألحان محمد فنيش، جاء فيها"
كنت انشدلك وتقول انت بصوتي متهني كرامة روحك رح غني مش انت عازف عواد من لحنك تعزف أني وافترقنا وصرنا “بعاد مين بيعزفلي حزني؟ لون الاسود بالتفجير محى وجودك يومية. … جمعات العيلة بتصير با بيي منا هيي