آيزك الإبن البكر لوالديه الأستراليين سارة كوبلاند وكريغ أويلرز. وُلد في نيويورك عام 2018 حيث كانت والدته تعمل في الأمم المتحدة، ثم انتقلت عائلته للإستقرار في لبنان في آب 2019، بعد أن تمّ تعيين سارة في الإسكوا في مكتب بيروت.
من عينيّ هذا الطفل الجميل شعّ الذكاء واليقظة منذ ولادته، تعلّم الأشياء الجديدة بسرعة فائقة، وامتلك عقلاً تحليلياً وكان ماهراً في تركيب لعبة البازل. أحبّ أن يفحص عن كثب كيفية عمل الأشياء، ولا سيما ألعابه بما فيها دراجته ذات العجلات الثلاث، ما جعل والديه يتساءلان إذا ما كان سيصبح مهندساً عندما يكبر.
كان طفلاً سعيداً وفرحاً بالعيش في لبنان حيث تعلّم ثلاث لغات مختلفة: الانكليزية، العربية والفرنسية"، تقول سارة، وهذه فرصة لم يكن ليحظى بها في أي مكان آخر. أولى كلماته كانت "ماما" و"المزيد"، لكنّه سرعان ما بدأ في توسيع مفرداته والتعبير عن نفسه بالكلمات والجمل بلغات مختلفة.
كان أيزك منفتحاً وواثقاً جدّاً ويحبّ التواجد بين الناس، وحنوناً للغاية مع أصدقائه وعائلته. وكان يستمتع بالتلويح والتحدّث الى الناس عندما يخرج في نزهة مع والديه. أُغرم بالقطط التي كان يتحدّث إليها في حديقة متحف سرسق.
عندما دوى الإنفجار المدمّر، كان ايزك جالساً في المنزل يتناول العشاء على كرسيه المرتفع. تحطّمت النوافذ وأُصيب في صدره بزجاج متطاير. سارة، التي كانت حاملاُ في ذلك الوقت، سقطت أرضاً. وسرعان ما أدركت هي وكريغ أنّ أيزك ينزف بغزارة. استخدما المناشف للضغط على الجرح في صدره وحملته سارة وركضت على الدرج طلباً للمساعدة. في الخارج، واجهوا دماراً هائلاً. توقّف رجل غريب ولطيف وسط الفوضى واقتادهم الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي. سارة التي أصيبت ايضاً نُقلت على الفور لتلقّي العناية الطبيّة، ورافق كريغ آيزك الى غرفة العمليات حيث أمضى الساعات القليلة التالية يُصارع من أجل البقاء. تسلّل كريغ الذي كان ينتظر في الخارج ليتفقّد آيزك، فرأى جهاز مراقبة القلب خطّاً مسطّحاً. مشهد وصوت الشاشة المسطّحة اللذان أشارا الى وفاة آيزك، سوف يُطاردان ذكرياته الى الأبد.
انتُزع آيزك الصغير الوسيم من عائلته الصغيرة السعيدة، وحُرم بقسوة من فرص الحياة التي كان سيستمتع بها لو عاش وكَبِر بيننا.. فَقَد العالَم طفلاً إستثنائياً، كان بالتأكيد سيصل الى مكانِ ما.
أحد أصغر ضحايا انفجار مرفأ بيروت زار هذه الأرض لفترة وجيزة. جرى اختطافه في سنّ مُبكرة جدّاً، في عمر السنتين وثلاثة أشهر. كان من المقرّر أن يُغادر أيزك لبنان ويُسافر مع أسرته الى استراليا أواخر آب. الفارق كان ثلاثة أسابيع فقط، وإلاّ لكان ظلّ على قيد الحياة محاطاً بأحبّائه.