ولد جاد جورج الدحداح في الأشرفية وترعرع فيها مع شقيقته دانيا ووالديهما، صحيح ان عائلته هي بالأصل من منطقة فتوح كسروان وفي سجلات بلدة صربا، الا انها اتخذت من بيروت مقرا دائما لها حتى بعد وفاة الأهل.
منذ طفولته، عرف جاد بهدوئه ولطفه وتهذبيه، لم تتغير طباعه عندما اصبح شابا، على العكس زادت على طباعه صفات اخرى، فكان الشخص الملتزم والخدوم، يركض لمساعدة اي محتاج، عفوي ومسالم الى ابعد الحدود، ودود وصادق، طيب وقريب من القلب.
لم يكن جاد يحب كثرة الكلام فـ"خيره ما قل ودل" وكان صاحب بسمة لا تفارق وجهه، يزرع الفرح في حياة كل من عرفه انطلاقاً من شخصيته المتفائلة والايجابية.
أحب جاد حياته التي ارادها بعيدة عن التعقيدات، موزعا وقته ونشاطاته بين عمله في شركةSoftware Design التي أمضى فيه قرابة الثلاثين عاما، والاصحاب والمنزل حيث يقيم مع شقيقته. كان قنوعا بما لديه ويحلم بالعيش بسلام في وطنه، طبعا كأن يامل ان يتحسن الوضع الاقتصادي وتتحسن الأمور الا انه بالرغم من ذلك لم يفكر يوما بمغادرة لبنان.
في الرابع من آب ٢٠٢٠، ذهب جاد صباحا الى عمله، حيث ألقى "جادو" كما يلقبه زملاؤه، تحية الصباح على الجميع كعادته، والتقى بصديقه المقيم في دبي الذي يزور بيروت، يومها تاخر قليلا بالعودة الى منزله المجاور لمستشفى القديس جاورجيوس (الروم). وحين عاد، كان لم يتناول بعد طعام الغداء.
لدى وقوع الانفجار الكبير، كان جاد يتناول وجبته في المطبخ المواجه لمرفأ بيروت. قذفه عصف الانفجار الى الغرفة المجاورة، ولقي حتفه على الفور.
بوجوده في المنزل في ذلك اليوم الحزين، أنقذ جاد شقيقته من موت محتم ايضا، اذ بعد سماعها الانفجار الاول، خرجت من غرفتها التي تطل على المرفأ، واتجهت صوب الممر المؤدي الى الصالون حيث نادت على اخيها، لم تكد تجتاز الممر، حتى دوى الانفجار الكبير.
لعل الموت كان يتربص بجاد اينما كان سيتواجد في البيت، فغرفته وسيارته دمرتا بفعل الانفجار، فتمكّن من النيل من جاد الذي ما هو بالنسبة الى شقيقته الا "ملاكا".