جواد شيّا

في منزل الشهيد جواد شيّا، كل شيء يحكي قصّة هذا الشاب ابن الواحد والثلاثين عاماً، والذي تطوّع في الجيش نزولاً عند رغبة والده بعد أن كان يستعدّ للسفر إلى الخارج بحثاً عن مستقبله. لم يكن والده يريده أن يبتعد عن العائلة، فهو بالنسبة لها نبض الحياة وقاموس الفرح.

في بلدة "بدغان" الواقعة في قضاء عالية، ولدَ جواد، باكورة زواج أجود وعفاف شيّا، وكان الولد الوحيد الى جانب ثلاث بنات.

تميّز جواد بهدوئه ورزانته. كان لشقيقاته المرشد والناصح وكاتم الأسرار. في غياب والده في الإمارات العربية المتحدة للعمل. كان رجل البيت عن جدارة واستحقاق.

في معهد الكفاءات في عين سعادة تابع جواد دراسته بعد نيله الشهادة المتوسطة، وحصل على البكالوريا الفنية في الفنون الفندقية. تفوّقه في الدراسة دفع المدير المسؤول عن المعهد إلى تسليمه أدارة "الكافيتريا"، وهو كان لايزال طالباً.

بعد انضمامه إلى الجيش عام 2009، تابع جواد دورات عسكرية عدةّ، وتنقّل في مواقع مختلفة قبل ان يتمّ تشكيله الى مديرية المخابرت في الجيش اللبناني، وكان مركز عمله في مرفأ بيروت. مهامه الكثيرة في الجيش لم تشغله عن الدراسة، حيث تابع تخصصّه في إدارة الفنادق في الجامعة إلاسلامية، و نال إجازة في إدارة الفنادق.

خلال وجوده في الجيش، أثبت جواد شجاعة مميزة، وذلك عندما أستطاع ملاحقة أحد تجّار المخدرات، وإلقاء القبض عليه، بالرغم من إصابته بكسور في رجله اثناء قيامه بمهمته هذه.

في الرابع من آب،th يوم الرابع من آب، كان جواد في مركز عمله يمارس مهامه كالمعتاد، فجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب: إنفجار هائل احتار الجميع للوهلة الاولى في تحديده.. دقائق قليلة مرّت ليتبيّن بعدها أن الانفجار وقع في المرفأ.

في اللحظة التي راحت وسائل الاعلام تتناقل الخبر، ""جواد استشهد""، قالها ""ابو جواد"" لاشعورياً.

ساعات ثقيلة مرّت على أفراد عائلته وهم ينتظرون خبراً عن ابنهم. فتّشوا في معظم المستشفيات، ولكن دون نتيجة."

وكان أبو جواد كلمّا اتصل بإبنه على هاتفه، وجده مقفلاً. المحاولة الأخيرة للاتصال كانت الفاصلة.. الهاتف يرّن، لكنّ المجيب

كان أحد ضباط الجيش، الذي أخبر الوالد أنه تم العثور على جواد مستشهداً، وكان هاتفه إلى جانبه."

ما أن رأى الحريق، حتى توّجه جواد برفقة الملازم الشهيد أيمن نور الدين وعدد من العسكريين للمشاركة في عمليات الاطفاء ولكن الانفجار الذي وقع قطع عليهم إكمال مهمتهم، وأخذ أحلامهم وترك لنا جرساً في الذاكرة سوف يظلّ يرّن حتى يأتي يوم يصحو فيه هذا الوطن، ويخرج الضوء من الحصار."

Arabic