تريز الخوري

ولدت تريز جرجي الخوري في قرية بكاسين الجنوبية عام 1935، لعائلةٍ تتألّف من ثلاث فتيات وشابين. عملت كممرضة فكانت من أوائل من امتهنوا التمريض لا بل كانت من مؤسسي غرفة العناية الفائقة في المستشفى التي عملت فيها، ثم سافرت الى باريس عام 1988 حيث عملت في "بيت الطلبة اللبناني Foyer Franco-Libanais" كناشطة إجتماعيّة ونالت الجنسيّة الفرنسيّة. عادت تريز الى لبنان بعد بلوغها سن التقاعد منذ ما يقارب الخمس سنوات ولم تكن تعرف أنّ عودتها تلك، ستكون عودةً الى الموت.

"اذا كان هنالك ٥٠ الف لبناني في باريس، فإن تريز حتما تكون قد ساعدت نحو ١٥ ألف منهم" تقول ابنة اختها بشرى التي تكن لخالتها- عرابتها محبة خاصة لتفانيها في خدمة الجميع. فقد عاشت طوال سنين حياتها في فرنسا وهي تمّد يد العون الى كل مغترب، متمسكةً بانتمائها الى تراب لبنان مهما ابتعدت المسافة وطال الفراق، وساعيةً الى احتضان اللبنانيين الهاربين من الحرب، والكادحين في سبيل تأمين لقمة العيش.

وها هي بعودتها الى لبنان اختبرت كارثة تضاهي في اثارها صدمة الحرب: في الرابع من آب، كانت تريز تعاني من كسر في الورك ما اضطرها لملازمة الكرسي المتحرك.th حين حدوث الإنفجار المشؤوم كانت وشقيقاتها في المنزل، فأيقظنها من نومها في غرفتها ونقلنها على الكرسي الى الصالون المطل على المرفأ. وقع الإنفجار الأوّل فصرخت تريز "عم يقصفونا" مستنجدة بالسيدة العذراء، وكانت تلك كلماتها الأخيرة قبل وقوع الإنفجار الثاني، الذي هز المدينة. اهتز اثاث البيت، وكان سقوط قطعة من الثريا على رأسها اشبه بالضربة القاضية، حيث فارقت الحياة على الفور قبل أن تقوم العائلة بنقلها الى المستشفى، ولتنتهي بذلك مسيرةً طويلةً من العطاء والمحبة والكفاح من أجل الإنسانيّة.

بقيت العائلة، كمعظم العائلات المفجوعة بهول ما حصل الى حلول منتصف الليل تقوم بإجراءات الدفن، لتوارى الثرى في اليوم التالي في قريتها الجنوبيّة بكاسين.

خبر وفاة تريز حلّ كالصاعقة على كل من يعرفها، "حنونة هي"، تقول عنها بشرى، "اتخذتها أمي الثانية". عرف عنها الكرم والسخاء، فكانت أخت خدومة ومخلصة، فتحت ذراعيها للجميع، واستقبلت كل من لجأ اليها في بيتها في باريس. ولعّل سيرتها العطرة هذه هي خير ما يبقى من إنسان بعد رحيله، شأنها شأن الأبرياء الآخرين الذين لم يبقِ منهم الإنفجار سوى حكاياهم ودموع الأحبة المشتاقة.

The news of her death struck all those who knew her. “She was loving”, says Boushra, “She was my second mom”. She was known for her generosity, her kindness, and her loyalty. She welcomed everyone with open arms. She never rejected anyone in her home in Paris. What’s left of her now is her honorable reputation, like the rest of the innocent victims, who are remembered through the tears of their loved ones.

Arabic