رالف إيلي ملّاحي

بشـوف وجهك بخير يا خيّي عبارة وقعها محبّب إلى القلب والرّوح لما تحمله من معان، ولكن بالنّسبة لـدافيد ملّاحي لم تعنِ سوى حرقة في القلب وغصّة.

قالها المسعف رالف ملّاحي في آخر حديث له مع أخيه الذي يكبره بسبع سنوات.

رالف أو "رورو" كان في صغره طفلاً سعيداً، لا تفارق البسمة ثغره، محبّاً حنوناً، اندفاعه وشجاعته دفعاهُ منذ ثلاث سنوات للعمل في فوج إطفاء بيروت، هذا فعل إيمان. وحرصه على عائلته كان همّ رالف الأوّل، سعى إلى تأمين لقمة العيش وضمان مستقبل آمن له ولوالديه إيلي ورولا، من خلال وظيفة في الدّولة اللّبنانيّة توفّر لهم الثّبات والطّبابة في ظلّ انعدام توفّر فرص العمل في لبنان.

إستيقظ رالف في صباح الثّلاثاء المشؤوم للتوجّه للعمل، طرق قبلها باب جارتهم "سهام" وطلب منها ألّا تترك والديه، واعداً إيّاها بتناول العشاء معاً بعد عودته من العمل. عند وصوله إلى مركز عمله في فوج إطفاء بيروت طلب إذن خروج من مديره ليقوم بإصلاح سيّارته. توجّه عند الميكانيكي الذي أصرّ على أن يتقاضى الأجر بالدّولار. كان رالف حينها قد سدّد مسبقاً للبنك قسط اثنى عشر شهراً، المبلغ المطلوب ليس بحوزته.لم يكن أمامه سوى أخيه، قصده في مكان عمله الكائن في منطقة الزّلقا. عبّر رالف عن قلقه من كيفيّة تأمين المبلغ بالدّولار ولكن سرعان ما طمأنه أخوه، وأبلغه أنّه سيوفّره له :” ما بدّي شوفك زعلان. فداك المصاري” ربّت رالف على كتف دافيد وقال له: " بشوف وجك بخير يا خيّ". وعاد أدراجه إلى الكرنتينا حيث مقرّ عمله قرابة الثّانية عشرة والنّصف .

في السّاعة الخامسة من بعد الظّهر، تلقّى رالف آخر مخابرة من والدته تعلمه فيها أنّها سترسل له عصير التّفاح الطازج مع أخيه دافيد بُعيد السّاعة السّادسة .. قامت رولا بتحضير العصير وعند السّاعة السّادسة وسبع دقائق دوى صوت الانفجار في أرجاء بيروت، هزّت عين الرّمانة... قلب الأمّ دليلها، صرخت: راح رالف...

بقي رالف في عداد المفقودين، بقيت عائلته وبالرّغم من هول الفاجعة متمسّكة بأملٍها وإيمانها في العثور عليه حيّاً يُرزق. إنضمّ رالف ملّاحي إلى قافلة شهداء فوج إطفاء بيروت في 13/08/2020.

Arabic