وُلد محمّد في 12 أيّار 2003 في قصرنبا، وجاءت ولادته باكورة زواج ياسر أحمد صليبي وأمل الحلّاني اللّذيْن أحاطاهُ بكلّ الحبّ والعطف، هو وشقيقه الأصغر علي.
درس محمّد في بلدته، ليتخرّج من معهد الآفاق مُتخصّصاً بهندسة الكهرباء. محمّد الذي لم يتم الثمانية عشر من عمره، كان لأهله بمثابة الأمل والمستقبل ولأخيه السّند والرّفيق. كلّ من عرف محمد، أُعجب بأخلاقه الرّزينة وصفاته الطّيبة، هو الخدوم، صاحب نخوة ومروءة لا مثيل لهما. كان للكرم والضّيافة عنوان ولم يتوان يوماً عن مساعدة الآخرين، فخِصال الرّحمة تجلّت بمساعدته للمحتاجين ومن هم بحاجة للعون. أخلص لرفاقهِ وزملائه، فَليالي السّهر والسّمر لا تزال تصدح في أذهانهم تُناجي محمّد بإعادة إحيائها، ولكنّ للقدر خطّة أخرى.
رحل بصمت! شهادة محمّد شهادتان، الأولى هي نتاج طرقات الموت والثّانية هي بفعل الإنفجار الكبير في بيروت حيث كان يُعالج وكان ما كان. فبعد أن تعرّض لحادث سير في بلدتِه قصرنبا في أوائل شهر آب، أُسعِف إلى مستشفى الجعيتاوي ليتعالجَ، بعد أن جاءت الضّربة على رأسه، في ظل تقاعس الدّولة عن أداء مهامها في بعلبك، وغياب أدنى مقوّمات البنى التّحتيّة بما فيها القطاع الصّحي.
وبعد مكوثه في المستشفى لعدّة أيام، بدأ محمّد يتماثل للشّفاء، لتحلّ الكارثة مساء 4 آب المشؤوم، وينفجر مرفأ بيروت وتتزلزل بيروت ومُستشفياتها بمن فيها. وكان لمستشْفى الجعيتاوي حصّة من هذا الدّمار، تطاير كلّ شيء في المستشفى جرّاء عصف الانفجار لتستقرّ إحدى النّوافذ على محمّد.. سعت العائلة إلى تأمين غرفة ثانية لمحمّد في أحد طوابق المستشفى تمهيداً لنقله إليها، كان محمّد في هذه الأثناء في حالة صدمة وخوف ممّا حصل.
وما زاد الطّين بلّة هو انقطاع الأوكسجين عنه فمال لونه إلى الأزرق، ما استدعى نقله في اليوم التّالي إلى مستشفى بحنّس حيث أمضى تسعة أيام ووضعه يتدهور من سيّء إلى أسوأ حتى توقّف نبض قلبه يوم 13 آب ليُشهد أمام الله على حرمان أهله حيث وُلد، وعلى فساد حكّامنا حيث قضى على حد قول عمّه علي أحمد صليبي.