ريتا بعقليني

ربّةُ منزل وأمٌ معيلة لولديها، موظفة "ڤاليه"، بائعة صحف وصاحبة متجرٍ صغير، مسؤوليات عديدة أخذتها ريتا على عاتقها على مدى سنواتٍ طويلة دون كللٍ أو تذمر. كأن قساوة الحياة وحدها لم تكن كافية، فأتى تفجير الرابع من آب وأضاف إلى جملة تحدياتها.

في تمام الساعة السادسة يوم الرابع من آب ٢٠٢٠، كانت ريتا في منزلها في منطقة الدورة برفقة عائلتها بعد نهار عملٍ اعتياديٍّ طويل يبدأ الساعة الثانية صباحًا ولا ينتهي قبل الثانية بعد الظهر. ورقةُ يانصيب جعلت ريتا تتوجه إلى متجرها الكائن تحت منزلها. لم تسنح الفرصة لخروج ريتا من المتجر قبل السادسة وسبع دقائق حين اقتُلع زجاج الواجهة، فسقط عليها. ما كان لريتا إلّا أن تحاول حماية رأسها، فكان ليدها الحصة الأكبر، ما أدّى إلى انقطاع أوتارٍ عند مفصل إبهامها.

توجهت ريتا بمساعدة ابنتها إلى مستشفى "مار يوسف "حيث عمدوا إلى تخييط جرحها لإيقاف النزيف لتتوجه بعدها إلى "معونات جبيل" حيث أُجريت لها عملية جراحية في صباح اليوم التالي. على الرغم من نجاح العملية، احتاجت ريتا إلى جلسات علاج فيزيائي فأجرت ١٥ جلسة قبل أن تقرّر إيقافها نظرًا لتكلفتها الباهظة، فأخذت تكرّر بعض التمارين بنفسها.

مازالت ريتا حتى اليوم لا تستطيع تحريك إصبعها كما في السابق ولا يمكنها تعريض يدها لأي ضغطٍ يُذكر، حتى أنها ما زالت تشعر بالوجع والتنميل من إصبعها وحتى المرفق."ما رح يرجع متل ما كان" تقول ريتا بالحديث عن حالة إبهامها على الرغم من تفاؤلٍ سابقٍ من الأطباء، ثم تُعمّم "ما في شي بيرجع متل ما كان" مشيرةً إلى تداعيات الصدمةِ الهائلة التي شكّلها ذلك اليوم ومازال.

"أول شي لازم هني يتحاسبوا كرمال ما ينعاد يلي صار." تقول ريتا الأم متناسيةً نفسها، "..منكون حمينا ولادنا". ثم تؤكد ريتا الناجية أن على الدولة التعويض على المتضررين وتَحمّل كافة النفقات الناتجة عن التفجير. ثم تضيف متمنيةً "يوعوا هالحكام نتفة..ما ناقصنا" قبل أن تلاحظ ممتعضة "الضمير ما بينشرى"، مشيرةً إلى استحالة ما تمنّته ومعوّلةً على أن تأخذ العدالة مجراها.

Arabic