فريدا الديري

إنَّ انفجار مرفأ بيروت المدّمر الذي وقع في الرابع من آب عام 2020، أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من الناس بجروحٍ خطيرة في محيط المنطقة المنكوبة، بينهم أشخاص لا يزالون يواجهون آلاماً جسدية ونفسية لا يمكن وصفها بالكلمات.
هذا الانفجار كان واحداً من أسوأ الكوارث الإنسانية التي شهدها لبنان في تاريخه. من بين هؤلاء الجرحى، فريدة التي لا تزال تعيش الأوجاع التي خلّفها الانفجار، الذي على الرغم من مرور ثلاث سنواتٍ إلا أن شريطَ ذلك اليوم لا يزال يُعاد في ذهنها يوميًا، فكلّ مرّةٍ تشعر فيها فريدة بالوجع، تتذكّرُ ذلك اليوم المشؤوم الذي ضرب العاصمة، فيزداد حقدُها على الذي كان سبب أوجاعها اليوم.
سرد ابنها حادثة ذلك النهار المؤلم، مُعزِّيًا بيروت بجروحها التي لم يسبق أن رآها في هذه الحالة حتى في زمن الحرب الأهلية ودمارها. ‏وقال:" كان يوماً عادياً بالنسبة لعائلة الديري، كانوا في المنزل، عندما اندلعت النيران، تقِفُ فريدة مع زوجها إلى جانب النافذة ينظران إلى الدخان الذي كان ينبعث من المرفأ، حدسُها يُبعدها عن النافذة متنبّئاً بأنَّ هناك أمرًا ما ليس على ما يُرام سيحدث، وبمُجرَّد رجوعها عن النافذة في تلك الأثناء، يضرب الانفجار العاصمةَ غيرَ مكترثٍ لسكانها الأبرياء وأطفالها الرُضَّع والدمار الهائل الذي أصاب العاصمة، يطَالُ الانفجارُ منزل آل الديري بالأشرفية فتقع فريدة أرضًا من شدة قوته، ولكنَّ حبها لزوجها وغيرتها عليه من أن يحدث له شيءٌ جعَلَها تتغلّب على أوجاعها وتقفُ لتساعده.
وصلَ أولادها لاسعافهما ونقلهما الى المستشفى، لكن فريدة لم تستطع إكمال الطريق معهم، فبقيَت جالسةً بالقرب من المبنى، تنتظر المساعدة. الى أن وصل أحدهم ونقلها الى المستشفى، بعد الكشف عن جرحها، أعلمها الطبيب أن إصابتها في رجليها وعلى الرغم من العلاج إلا أنه استجد لديها عرج في مشيتها جراء إصابتها.
وتابع ابن فريدة ليقول:" أمي عايشة على المسكنّات، ولا تزال إلى اليوم هذا تتابع علاجها وتتناول أدويتها، كل ذلك في ظل غياب الدولة من تغطية هذه العلاجات والأدوية."

على الرغم من ذلك، تمكنت فريدة من النهوض من تلك التجربة الصعبة، لكنها تركت منزلها وانتقلت إلى العيش في منزل ابنتها، فصدى الانفجار لا يزال يسكن في منزلها القديم بالاضافة إلى أن ابنتها هي من ستُعيلها مُتحَلّيةً بالصبر والإصرار. وبفضل العلاج الذي تلقته، تمكنت من التحسّن تدريجياً، إلا أنها لا تزال تعاني من الأوجاع حتى تاريخ هذا اليوم.

Arabic