ڤاروجان، أو أبو رافي، وُلد في بيروت في 13/03/1934، ودرس في مدرسة سان غريغوار – الأشرفيّة، وانتقل بعدها... إلى مدرسة مسروبيان - برج حمّود حتّى البريفيه.
انتقل مع عائلته من أسواق بيروت إلى الجمّيزة، وبُعيد الحرب الأهليّة انتقلوا مجدّداً إلى الجعيتاوي. ڤاروجان كان يعرف ثلاث لغات: العربيّة والأرمنيّة والفرنسيّة. وفي سنّ الرّابعة عشر تعلّم ڤاروجان مهنة الخياطة، واتّخذ محلاً له في منطقة الأشرفيّة - الرّميل، على درج الفاندوم.
عقود مضت وڤاروجان في هذا المحل، يتعامل مع كلّ من يحيط به أو يقصده بأسلوب راق، فتراه يعامل الصّغير بعطف وحنان، ويعامل جيرانه و أصدقاءَه بإحترام وإنسانيّة لا متناهية. تلامذة مدرسة العازاريّة، وال هاي سكول اعتادوا المرور على أبو رافي لإلقاء التّحيّة عليه، فكان يعطيهم الشّوكولا.
هذا الرّجل الثّمانيني احتفظ بروح الشّباب، وميزة ڤاروجان هذه، جعلت منه شخصاً محبوباً ومحبّاً للحياة، كما يقول ابنه رافي: والدي كان مميّزاً في علاقته مع الجيران والكلّ اليوم يفتقده.
في الرّابع من آب المشؤوم أمضى ڤاروجان فترة قبل الظّهر في المنزل. أخته اتّصلت به، هو عادة لا يجيب على الهاتف ويدعه يرن فيردّ المتّصل خائباً، لكنّه في هذا اليوم ردّ عليها حتى أنّه أوصاها أن تنتبه إلى نفسها وكأنّه يودّعها.
عند الثّانية والنّصف ذهب ڤاروجان إلى محلّه ومن ثم إلى الأشرفيّة لجلب الخبز وبعض الفاكهة. وعند الخامسة والنّصف عاد إلى المنزل، ومعه المشتريات. ابنه رافي كان هناك، أمّا زوجته فكانت لا تزال في عملها. نزل رافي ليشتري المياه، على وقع أصوات كأنّها مفرقعات، فمنزلُهما مقابل للاهراءات في المرفأ. وبدأ سماع سيّارات الإطفاء تتوجّه إلى حيث شَبّ الحريق الأوّل.
وعند السّادسة وسبع دقائق حدث الانفجار الكبير وكان أبو رافي وحيداً في البيت، تساقط زجاج المنزل كله على ڤاروجان وأصابت شظايا الزّجاج أنحاء جسده النحيل أما رأسه فكان مفتوحاً .
عاد ابنه ليجده ممدّداً على الأرض ، سارع مجدّداً إلى الشّارع علّه يجد سيّارة إسعاف. لكنّ الرّدم كان في كل مكان.
استطاع أن يطلب النّجدة من الجيران، فتوجّه وأربعة أشخاص لنقل أبيه إلى المستشفى، وضعوه على شرشف وحملوه إلى الإسعاف، جسده النّحيل ساعد في الإسراع به نحو سيّارة الإسعاف. حينها فقط أصبح ڤاروجان ثقيلاً، هنا شكّ رافي أنّه قد فارق الحياة. وعند وصوله إلى مستشفى الجعيتاوي، تحوّل الشكّ إلى يقين: ڤاروجان قد أسلم الرّوح.