ألكسي سركيس، شاب لبناني طموح في العقد الثالث من العمر، حاله كحال الكثير من الشباب اللبناني الصاعد، أبى ان يترك وطنه لبنان على الرغم من كلّ ما تعرّض له من أهوال والإصابات العديدة التي خلّفها انفجار 4 آب في جسده.
في ذلك اليوم، المشؤوم خرج ألكسي الذي يعمل خياطاً في مصنع atelier عمه الواقع في منطقة الاشرفية، ليستنشق بعض الهواء فصدمه صوت الطيران العالي والمخيف، الذي خلّفه انفجار ضخم أشبه بإعصار على حد وصفه. فقوة الإنفجار المهولة والموقع الجغرافي لمنطقة الأشرفية، كتلة مطلة على المرفأ، أنتجا قوّةً مدمرة لم يشهدها لبنان سابقاً، طرحت ألكسي أرضاً كما المئات من غيره، ليسقط نازفاً على الأرض بسبب الزجاج الذي تناثر على جسمه بالكامل.
هنا بدأت رحلة العذاب، سارع لانقاذ نفسه فبدأ يتنقل من مستشفى الى آخر آملاً أن يحظى بمن يسكن الآمه المريرة، لتنتهي رحلة بحثه عن الطبابة في شتورا- البقاع وفي مستشفى المياس على وجه التحديد. خضع الكسي لعمليةٍ دقيقة جداً في يديه اللتين تقطّعت أوتارهما جرّاء الانفجار، وعالج أيضاً بعض الإصابات الطفيفة التي أصابت رجله وسائر أنحاء جسده. مكث في المستشفى خمسة أيّام، خرج بعدها الى حياةٍ مختلفة عن السابقة، حيث أضطر الى بدء رحلته مع العلاج الفيزيائي الذي كلّفه في ذلك الوقت حوالي مليون ليرة أسبوعياً، وكان هذا عبئاً مالياً يضاف الى معاناة ألكسي الجسدية.
اليوم، وعلى الرغم من كلّ ما قساه ألكسي ما زالت لديه صعوبة في تحريك يده اليمنى، التي لم تعد إلى سابق عهدها، ما يحول دون ممارسته عددًا من المهمات الوظيفية في مهنة الخياطة.
3 سنوات مرّت على تفجير المرفأ، ألكسي كمعظم الشعب اللبناني، ما زال يناشد الدولة بأن "تحل عن سمانا"، ليستطيع هو وأبناء جيله الذين عانوا الكثير في دولةٍ لا تلتفت الى ألم مواطنيها، أن يعيشوا حياةً طبيعية ضمن عائلاتهم دون أن يرغبوا على مغادرة أرض الوطن.