عامر الحسين

في الثّالث عشر من نيسان عام ١٩٩٥ وُلد عامر حسين في بيت جناد منطقة الصّفرا التّابعة لمنطقة بانياس في سوريا ، ترعرع بين روابيها وتلقّى تعليمه في مدارسها حيث أكمل تحصيله العلمي الإبتدائي ليتنقل إلى مضمار العمل باكراً طفلاً لطيفاً ذي شخصيّة لامعة ومحبوبة، وكان خدوماً لا يرفض طلباً لأيّ شخص.

انتقل عامر للعيش في لبنان بسبب الظّروف الاقتصاديّة المريرة والصّعبة التي أرهقت كاهل العائلة بشكل خاص والسّوريين بشكل عام. وتعرّف على تامر علي في حزيران من العام ٢٠١٨ الذي أصبح صديقه المقرّب ليشقّا معاً طريقهما المحفوف بالمتاعب في مرفأ بيروت وليتنقّلا بين البواخر فيه، والتي اتّخذاها مسكناً آمناً لهما.

تنقّل بين عدّة بواخر لتوزيع المازوت في المرفأ وكان ذلك الشّاب الهني مصدر الطّاقة والسّعادة والأهم أنّه كان أمينا ويخاف ربّه، ما جعله محبوباً من طاقم العمل في تلك البواخر حيث عمل دون كلل أو ملل ليكسب رزقه.

اعتاد عامر أن يتوجّه كلّ تسعة أشهر إلى سوريا لرؤية أهله ومحبّيه وخطيبته سارة، ويمكث هناك ثلاثة أشهر. لكنّه في الفترة الأخيرة لم يذهب إلى سوريا بسبب الظّروف التي مرّ بها العالم جرّاء انتشار وباء الكورونا. كان متحمّساً جداً لمناسبة غير عاديّة انتظرها طويلاً، إذ بعد مدّة ليست ببعيدة سيكون عامر عريساً يفرح به أهله ويدخل القفص الذّهبي مع خطيبته سارة.

كان طوال الوقت يخطّط معها لحياة حلوة كريمة كلّها طاقة إيجابيّة، وهي كانت تنتظره لتبني معه مستقبلاً لا مكان فيه للسّواد، هو ذاك الشّخص الحنون والعطوف، صاحب القلب الأبيض، صبغت نهايته بلون الرماد وطار حلم العروس الموعود بالفرحة.

في الرّابع من آب وعلى متن الباخرة "اماديو إثنان" كان عامر يمارس عمله بشكل طبيعي ولكن عند السّاعة السّادسة وسبع دقائق، تغيّر المشهد، واغبرّت الرؤية ليسود جو من السّكون: لا أصوات فيه، فقط ترقّب وانتظار.

بعد رحلة بحث شاقّة و مضنية دامت لعشرين يوماً وإغراق مواقع التّواصل الإجتماعي بصور عامر الذي فُقد في غمرة الرّكام والموت، كان الأمل الوحيد للعائلة أن يعود عامر.

بعد الكثير من الأخبار والاتّصالات بين أصدقاء العائلة في لبنان وذوي الفقيد في سوريا وُجد جثمان عامر في مستشفى رفيق الحريري الحكومي حيث توجّه والده لإجراء فحص الحمض النّووي ليعود مكسور الضّلع مع جثمان العريس. رحل عامر عن الدّنيا ولم ترحل صورته مبتسماً عن أذهان ذويه وقلب سارة.

Arabic