لم تكن الحياة عادلة مع أردل التي حفلت سنوها الثلاث والأربعين بالتضحيات إكراما لعائلتها. هي واحدة ممن تركن أحباءهن وأتين إلى لبنان كعاملات في التدبير المنزلي لتحسين اوضاعهن، ورغم أنها كانت تنشد مستقبلا أفضل، كتبت نهايتها بحروف ملطخة بدماء وغبار انفجار لم يرحم أبرياء ولم ينصف اردل التي لم تخل مسيرتها من الشقاء.
ولدت اردل في كنف عائلة متواضعة في الفيليبين من أبٍ يدعى Ricardo وأم تدعىLorna ، لها تسعة أشقاء. مُتأهلة من Rogelio Maglamgitولهما ثلاثة أولاد Rhodel (24 سنة) Nikki (22 سنة) و Jehan(17 سنة). رأت أردل في لبنان مصدرا لرزقها ولتحسين وضعها المعيشي، فتوجهت اليه أسوة بباقي مواطناتها اللواتي قصدنه للعمل.
قدمت إلى لبنان عام 2012 تاركة زوجها وأولادها الثلاثة ولم تكن صغيرتها قد بلغت التاسعة من عمرها، كما أنها طمحت إلى مساندة عائلتها المؤلفة من عشرة أفراد في مصروفهم.
أردل المثقفة، التي التحقت في جامعة La Salle في مدينة Osamis، كانت تتمتع ببنية قوية وبصوت جميل بقي وحده الذكرى الباقية لدى إبنتها الصغيرة جيهان التي حرمت من حنان أمها. فأردل لم تزر عائلتها الا مرتين في عامي 2016 و 2019 ولم تقض معهم إلا شهرا في كل مرة. لكن هذا لم يمنع أبناءها من اعتبار أردل من أفضل الأمهات على الإطلاق، فهي أم داعمة لأولادها ولمن حولها، تنشر الإيجابية والسعادة في محيطها. كانت ملجأ لمن يقصدها. ففي وقت الجّد كانت تلك السيدة الرصينة، وفي وقت المزاح والضحك، تكون سيدة الجلسات.
بالرغم من وضعها المادي شبه المعدوم، كانت ملابسها تحاكي آخر صيحات الموضة. أما عن كرمها ونُبلها فحدث ولا حرج، لم تبخل يوما على اسرتها بالرغم من حواجز الزمان والمكان، كانت دائما تمدهم وتساندهم مهما تنوعت وتعددت حاجاتهم. كانت إنسانة مسؤولة، شجاعة للغاية، ومن أفضل الطهاة."
في الرابع من آب، كانت أردل في منزل مخدوميها الواقع في مار مخايل، شارع ارمينيا، تقوم بالمهام الموكلة إليها، وبدون أي انذار مسبق وقع الإنفجار، تاركا أردل جثة هامدة بعد أن سقط احد الأبواب عليها وانهمر الزجاج عليها كحبات البرد في أيام الصقيع، غارزًا في رأسها قطعة كبيرة من الزجاج مسببة نزيفا حادا أدى إلى وفاتها.
وإذ انتهت رحلة عملها في لبنان بمأساة حقيقية، فإن أردل عادت جثة إلى بلدها التي لطالما شدها الحنين اليها.