مرت حروب ونكبات كثيرة على ابن الخامسة والخمسين سنة، داخل مرفأ بيروت الذي لم يتوقف عن العمل فيه حتى في حرب تموز 2006، فبقي عزام فترة الحرب في المرفأ لا يربطه بخارجه سوى علبة الطعام التي كانت تصله عبر القوى الأمنية. وعاش قلق الفراق مع عائلته التي بقيت في سوريا أثناء حربها.
لم تتوقف الأزمات عن ملاحقة عزام الذي يصفه زملاؤه بـ”فقير الفقراء”، فجاءت الأزمة الاقتصادية في لبنان لتطيح بلقمة عيشه، إذ خفضت الشركة، حيث يعمل، راتبه ليصل إلى 600 ألف ليرة، مقابل ساعات عمل غير محددة ولم يكن لدى معيل العائلة المؤلفة من ثمانية أفراد خيار سوى الرضوخ والموافقة.
قبل 35 عاماً حمل عزام يحيى حموي أمتعته وتوجه من سوريا ( من حمص ،حي السبيل) إلى بيروت حيث عمل في قسم الميكانيك في مرفأ العاصمة اللبنانية، وهو في الرابع من آب 2020 لقي حتفه داخل أحد مستودعاته.
قبل وقوع التفجير دعاه صديقه إلى العشاء فرفض عزام أن يرافقه وفضل أن يستلقي قليلاً ليرتاح، ثم وقع الانفجار وأغمي عليه لينقل إلى إحدى مستشفيات بيروت. في اليوم الرابع نقل جثمانه إلى سوريا حيث ووري الثرى.
رحل عزام تاركاً خلفه ثمانية أطفال، أصغرهم "قمر" ( ٤ سنوات ) التي جل ما تعرفه عن والدها أنه تحول إلى نجمة في سماء بيروت. هذا ما يحاول ابنه البكر محمد اقناعها. عزام كان سنداً وأباً عطوفاَ، وزوجاً محباً.
كل ما كان يطمح إليه هو تأمين مستقبل اولاده وتعليمهم. يشّبهه ابنه محمد بعمود البيت الذي هدم بعد رحيله، فالعائلة المنكوبة لا تملك اليوم ثمن رغيفها حتى، وما من معيل لها.
رحل عزام ورحلت عشرات العمال الأجانب فهل من يعوض على عائلاتهم أو يذكرهم حتى؟