كمصمم أزياء ناجح، اعتمد بلال الدنا دائماً أن يكون النشاط قوته اليومي، لم يشعر أبداً بضغوطات الحياة اليومية التي كانت ترافقه لأنه كان يعلم بأن الوصول وتحقيق الأحلام هو السبيل الوحيد للشعور بالراحة.
بلال الذي ولد في 11 كانون الثاني عام 1974، ترعرع في بيروت التي أحبها حيث التقى بنصفه الثاني السيدة زينة الخطيب فتزوجا وأسسا معاً عائلةً جميلة أثمرت عن 3 أولاد عمر وشذى ورولا... على الرغم من صخب العمل والأزمة الاقتصادية العاصفة التي أرهقتهما كسائر الشعب اللبناني، إلا أنهما عاشا حياةً هادئة، هنا تتنهد زينة وتقول: "تغير كل شي بـ 4 آب وانقلبت حياتنا في ذلك النهار".
في دار الأزياء الذي يمتلكه بلال وزوجته انقضى يوم الرابع آب بشكلٍ عادي، ولكن الدخان الذي انبعث من مرفأ بيروت قبل الساعة 6:07 من تاريخ المجزرة أنذر بفاجعةٍ خطت بحبرٍ من الدم والجراح، عصر ذلك النهار بالنسبة لبلال لم يكن كما بعده، فالصورة تغيّرت: دمار هنا، زجاج مبعثر هناك ولوح من "الألمونيوم" غطى جسده نتيجة عصف الانفجار وقوته، آخر ما تتذكره زوجته زينة بأنه "سحب من أمامها واختفى". لم تلتفت لهول الصدمة بل لملمت جراحها سريعاً وبعد أن استعادت القليل من قوتها هرعت نحوه وهو شبه مغمى عليه.
الرحلة إلى المستشفى لم تكن سهلة، ما ان علم بلال بإصابة ابنته، حمل جراحه وركض باتجاه المنزل وهو ينزف لينقل فلذة كبده إلى المستشفى، صعد 14 طابقاً على رجليه بسبب انقطاع الكهرباء وهو مضرج بدمائه.
وصل إلى مستشفى "كليمنصو" المدمرة، إلا أنه وبعد سلسلة من الإسعافات الأولية وصل أخيراً عند الساعة 10 ليلاً إلى مستشفى حمود في صيدا ليدخل فوراً الى غرفة العمليات بعد تعبٍ شديد، لكن ابنته كانت قد تلقت العلاج المناسب.
بين كل هذه الأحداث "الملحمية" كان همه الوحيد هو معرفة ما حل برفيقة دربه فهو كان بعيداً بالمسافة لكن روحه احتضنت روحها وسأل عنها مراراً وتكراراً. أصيب بلال بقطعٍ في وتر رجله الأساسي ويده، وهو لا يزال بحاجةٍ إلى جلسات العلاج الفيزيائي حتى اليوم ليستمر بمقارعة الحياة. مكث مدة شهرين في المستشفى. بلال الرياضي اضطر الى استعمال العكازات للتنقل، في حين بقي لفترة يخرج الزجاج من جسده، ولكن، وبعد سلسلةٍ من العمليات نجح بلال بتخطي الصعاب على نفقته الخاصة.
في الوقت الذي وصفت زوجته ما حدث بال "إبادة"، يفكر بلال جدياً بالهجرة من لبنان، أما بالنسبة لمطلبه الوحيد من الدولة اللبنانية فهو معرفة العدالة والحقيقة فقط.