كارمن الخوري الصايغ ربة المنزل الانيقة والجميلة، متزوجة ولديها ابنتان: لارا وسارة. هذه الجميلة المتوهجة بالحياة كحضورها المشع تحت الاضواء كانت في صباها تعرض ازياءً للمصمم العالمي زهير مراد.
في 4 آب كانت كارمن في منزلها في الطابق السابع الكائن في الجميزة والمواجه للمرفأ والذي يبعد عنه 300 متر. في هذا التوقيت، كانت تعد طعام العشاء لزوجها وابنتيها وتراقب الدخان الذي يتصاعد من المرفأ. عند سماع صوت اول انفجار حاولت فتح النوافذ لكي تخفف من قوة الضغط ولم تكن تعي ان قوة الانفجار ستمحي حائط غرفتها مع النوافذ التي دفعت بكارمن باتجاه الحائط ومن ثم دفعتها قوة الانفجار الى الأرض ليرتطم وجهها بالزجاج الذي غطى الأرض، ثلاث ضربات متتالية كانت كفيلة لكي تفقد كارمن وعيها.
كانت ابنتاها ووالدهما على مقربة من المنزل، والقدرة الإلهية جعلتهم لا يصعدون في المصعد وتوجهوا الى حيث كارمن.. الا ان الدخان الذي غطى المنزل منعهم من ايجادها بسهولة. ولدى دخولهم غرفة كارمن كانت النوافذ والحائط مدمرةً بشكل كامل، لذا اعتقدوا ان الانفجار رمى بكارمن الى الخارج. مضت برهة من الوقت واذ بزوجها يشعر انه داس شيئاً طرياً لتصدر كارمن صوتا وليجدوها والحطام قد عصف بها من كل حدبٍ وصوب. وضع الزوج وابنتاه كارمن على كرسي وانزلوها على الادراج، الا ان الأمور كانت سيئة أكثر مما شاهدوه في منزلهم فالشوارع شبه مدمرة والاصابات كثيرة، ودم واشلاء في كل مكان.
أوقفوا دراجة نارية ووضعوا كارمن على متنها وأخذوها الى مستشفى "الروم" التي كانت خارج الخدمة والمؤلم ان كارمن صاحبة القد الطويل كانت رجلاها ترتطمان بالحيطان والسيارات لطولهما ما زاد من إصاباتها ... وصلت الى مستشفى اوتيل ديو حيث خضعت لجراحة وبعدها بدأت رحلة كارمن في العلاج والعمليات الجراحية بالإشارة الى انها دخلت في غيبوبةٍ لمدة ثلاثة وعشرين يوماً والأطباء كانوا يتوقعون انها لن تبقى على قيد الحياة، وكانوا على اطلاع ان لديها مشكلة في البصر ولكن اعتقدوا انها لن تعيش طويلاً، لذا تكتموا على وضعها الدقيق ولم يخبروا عائلتها الا ان المعجزة حدثت لان الله أراد لها الحياة.
كارمن التي كانت تعشق عائلتها وأبناء شقيقاتها تم تسجيل أصوات بناتها وأبناء شقيقتها الذين يعيشون في كندا لمساعدتها على التعافي عن طريق سماعها لهم في كل يوم وكانت الممرضات يحرصن على ذلك لا سيما أيضاً التراتيل الدينية والاغاني القديمة التي تحبها كارمن واغاني الميلاد. غير المتوقع حدث و"كوكو" فتحت عينينها وعلى عكس المرضى الذين يستيقظون من غيبوبة بالصراخ، فقد كانت هادئة ورأت "أبونا مار شربل" الذي قال لها "ما تخافي انا معك" وأبلغت شقيقاتها انها رأت مار شربل وسألوها لمعرفة ان كانت قادرة على التركيز هل رأت مار شربل او ابونا مار شربل؟ فأجابتهم ابونا مار شربل رأيته هنا معي في الغرفة.
وبعد ثلاث أيام أجريت الفحوص الطبية لكارمن وعندها اخبرتهم عدم قدرتها على الرؤية وكانوا اعتقدوا لوهلة ان الأمور انتهت هنا، الا ان العكس حدث فقد بدأت رحلة معاناة كارمن. فقد كانت إصابتها في عصب العين وفقدت نظرها الا انها لم تفقد بصيرتها وايمانها بأن الله أعطاها حياة جديدة والامل كل الامل ان كارمن سيأتي يوم وتذكر ان ما حدث كان في الماضي وستكون مع بناتها أماً وجدةً وستروي تفاصيل هذه الحادثة كقصة عابرة ليس أكثر.
هذه السيدة التي عوملت بكل محبة من الفريق الطبي المشرف عليها هي قصة سيدة قوية أنصفها الله وأعادها الى الحياة بإرادة الامل التي تتحلى بها الا ان الدولة لم تنصفها ولم ترد لها بعضاً من حقوقها ولعل ما ينصف كارمن وكل من أصيبوا او قضوا بثالث أكبر تفجير غير نووي في العالم هو معرفة من نفذ هذه الكارثة هذا هو الإنصاف الحقيقي لكارمن الام والمصابة التي أضحت قصتها مشرّفة ومثالاً يحتذى به. إشارة الى ان التكاليف كانت على عاتق عائلتها والأمل كل الامل بأن يكون علاج كارمن قريباً جدا فهذه الأمور بيد الله كما الاقدار.