ديانا الأشقر، الممرضة المجازة التي كانت تعمل في مستشفى السان جورح الجامعي في الرابع من آب بعد انفجار مرفأ بيروت، "انكتبلها عمر جديد" كما يقال عند النجاة من الكارثة.
في العام 2020 الذي شهد على أكبر جريمة على امتداد الوطن، كانت البلاد لا تزال تعيش هلع انتشار الكورونا، والاغلاق التام مع اشتداد وتيرة اصابات كوفيد - 19، الأمر الذي دفع ديانا لتجنب زيارة أهلها في جبل لبنان حفاظاً على صحتهم وحياتهم، فشاء القدر أن تكون على مقربة من انفجار المرفأ يوم ٤ آب 2020.
صوت الانفجار الاول دفع ديانا ورفاقها في السكن المخصص لهن للبحث عن مصدر الصوت، الذي تبعه مشهد عصف الانفجار الكبير. غريزة الممرضة دفعتها للاحتماء بالانبطاح ارضاً علّها تجنّب نفسها ومن معها بعضاً من الاضرار.
مشاهد الدماء التي تسيل من يدها المجروحة وكل من صادفته في طريقها للخروج من المبنى ومشاهداتها للناس يهرعون للمساعدة بكل ما يملكون لا تزال محفورة في عقلها ولا تفارق ذاكرتها.
دامت رحلتها بين مستشفيات بيروت وجبل لبنان المنكوبة بالدمار وطوابير المصابين والضحايا ساعات قبل أن تنتهي بوصولها الى مستشفى "عين وزين" في الشوف حيث التقت بخطيبها وعائلتها المفجوعة للمرة الأولى منذ لحظة الانفجار.
خضعت يد ديانا اليمنى لعملية جراحية تبعها علاج فيزيائي على مدى اشهر لم ينجح بإعادة الآداء الحركي إلى ما كانت عليه من قبل.
من لطف القدر أن دفء العائلة والدعم الذي حظيت بهما ديانا من خطيبها الذي غدا زوجاً لها في السراء والضراء ، مكّنها من تخطي الأزمة والسفر لدولة الإمارات للعمل في مجال تخصصها. لا تغيب عن بالها أسئلة كانت وتبقى وستبقى تطرح حول هوية المسؤولين عما حدث. تسأل ديانا:"إن أعدنا بناء ما تهدّم بفعل الانفجار، فمن يستطيع أن يعيد من غادرونا غدراً بغير رجعة؟
من يضمد جراح أولئك الذين ما زالوا يئنون من الألم كلّما عادوا في الذاكرة لما كانت عليه حياتهم قبل كل ما حصل؟ أسئلة تتركها ديانا برسم السلطة اللبنانية أصحاب الباع الطويل في دفن الجرائم والقضايا المحقّة.