ديانا خوري

هي ديانا، مهندسة الديكور الثلاثينية، التي زرعت الحياة من حولها أينما حلّت، والمميّزة بنسج العلاقات مع الجميع. كلّ من عرفها يصفها بالمهذّبة والمثقّفة، والتي تحترم الكبير قبل الصغير، والتي لا تُفارق البسمة وجهها. كانت حلوة المعشر، كريمة الأخلاق، تزوّجت في العام 2005 من جاك ديب وأصبحت أمّاً حنونة لروبن (12 سنة) وأليسون (7 سنوات)، تقيم الحفلات في منزلها لتُفرح كلّ من تحبّ.

هَندَست ديكور بيوت عديدة في بيروت التي أحبّتها لتُصبح أجمل للقاطنين فيها، وخطّطت لسلوك طريقٍ جديدٍ في حياتها، ولم تكن تدري بأنّ تغيير طريق منزلها في ذلك المساء المشؤوم سيوقف مخطّطها ويحول دون تحقيق حلمها في الهجرة الى كندا مع عائلتها الصغيرة.

هي صغيرة آل خوري، جاءت بعد الإبنة البكر ناتالي وتوأمها ميريام. كانت فتاة مجتهدة ومتفوّقة في طفولتها، "تنقل" عنها صديقاتها فروضها المدرسية. لكنّها لم تتدلّل، بل كانت "البطلة" التي يُمكن الإعتماد عليها. ولهذا درست هندسة الديكور في جامعة الألبا ثمّ في "الروح القدس"- الكسليك للعمل مع والدها واستلام مؤسسته لصناعة الأثاث والمفروشات. وهكذا كان: أصبحت "الكلّ بالكلّ"، على ما يُخبر والدها ميشال المفجوع على رحيلها بعزّ شبابها هي "شهيدة دولة المافيا والزعران"، على ما كتب تحت صورتها التي علّقها أمام باب الورشة. ويردف: "لتكن مشيئتك يا الله".

في يوم الثلاثاء الأسود مرّت صباحاً على المعمل، وأبلغت والدها أنّها ستصطحب ولديها الى البحر. فسألها البقاء في بيت اهلها، ليلعبا مع أولاد أختيها، لكنّها أصرت على ضرورة الخروج ليستمتع ابنها وابنتها.

وبالفعل توجهت إلى مارينا- ضبيه لأنّهما يودّان السباحة. بعد الظهر، وفي طريق العودة صادفت تظاهرة أمام العدلية، فأخذت طريق الصيفي للصعود الى منطقة السيوفي. دوى الإنفجار الأول وهي لا تزال في السيارة، فطلبت من ولديها وضع اليدين على الرأس والإنحناء لأنّ انفجارا ثان سيقع، وما لبث أن عَصَفَ الإنفجار المُزلزل، فطارت الحجارة من كلّ مكان، وسقطت أحداها على سقف سيّارتها. أصابتها مباشرة في رأسها.. بعد نصف ساعة من فقدانها اتصل بها زوجها، أجاب روبن على هاتفها: "بابا الماما ماتت مش عم بتردّ علينا.. تاع شوف شو بنا وشيلنا من هون". غَسَلَت ولديها بدمها ورحلت.

حَلُمَت ديانا بعيشة كريمة في بلدها، وبرؤية ولديها يكبران ويتعلّمان وينالان المناصب. غير أنّه بسبب هذه الدولة الفاشلة، قرّرت وجاك أخيراً الهجرة الى كندا، وكانت ستُحقّق حلمها هذا في تشرين الثاني، فمن يُعيد لهذه العائلة مهندسة حياتها؟

Arabic