إلياس الخوري

إلياس الخوري 16 ربيعاً صاحب الضحكة الحلوة البريئة، لم تسمح له الحياة بعد بمعاندتِها، وظلمته دون رحمة، تاركاً والداً انكسر ظهره بخسارة وحيده، وقلب أم يبكي بحرقة.

كيف لا و"لَلوسي" كما يناديه أهله أصبح وجع العمر كلّه.

هو المحبوب في مدرسته، يُحتذى به في أخلاقه العالية وأدبه الشّديد وهدوئه المميّز، حريص على ألّا يُؤذي أو يُزعج الآخرين بحديثه معهم صاحب قلب طيب ونكتة بريئة، يهوى كرة القدم التي يلعبها بقدمه اليسرى، يعشق الغناء والموسيقى وأغاني "الرّاب" ولأنه امتداد لوالده الذي كبر برحيله عشرات السّنين قرّر رسم مستقبله في عالم الهندسة.

في الرابع من آب،th الأخ والسّند لأخته نور التي لم تتعافَ بعد من إصاباتِها، والحفيد الذي عزل نفسه خوفاً على جدّته من الاصابة بـ "كورونا" واكتفى بالواتساب للتواصل مع أصدقائه. كان مطيع لوالدِه القريب منه والصّديق الأكبر له.

في الرّابع من آب وقف إلياس أمام نافذة منزله في مار مخايل الذي يبعد ٣٠٠متر عن المرفأ متفرّجاً على الحريق. وبناءً على طلب والدته ميراي ابتعد مع شقيقته نور عن الزجاج ودخل إلى غرفته وحصل الانفجار، وأصيبت الأم ونُقلت إلى مستشفى رزق والابنة نُقلت إلى مستشفى سرحال، و إلياس الذي نقله والده إلى مستشفى اوتيل ديو حيث أُسْعِفَ فوراً وبقي في غرفة العمليات لساعات عدّة، إلّا أنّ إصابته كانت بليغة جداً خصوصاً في رأسه بسبب سقوط جدران غرفته عليه ، وبقي في العناية المركزة مدة ١٤ يوماً مستهلكا ٢٧ وحدة دم، وأمه التي كانت تتلقّى العلاج تتضرع إلى العذراء كي لا تتجرّع نفس الكأس الذي تجرّعته ، إلّا أنّ إلياس الذي صارع الموت لأسبوعين ارتاح في حضن العذراء في ١٨ آب.

هو الذي أحبّ والدته، وكأنّه كان ينتظرها كي تتعافى من إصابتها وتغادر المستشفى لتكون إلى جانبه في لحظاته الأخيرة قبل الفراق.

الأهل الذين حُرموا فرحة الحياة والضحك نادمون لأنهم لم يلبّوا طلب إلياس بالانتقال إلى منزل آخر قريب من مدرستِه ( يسوع ومريم) في المطيْلب أو حتى الهجرة إلى بلد آخر لأنه يستحقّ الحياة، ويرفضون اعتباره شهيداً بل ضحيّة للسياسيين الذين لم يُبعدوا خطر المتفجٍرات أو ينبّهون عن الحريق.

كبيرٌ الحزن في عائلة الشاب إلياس الخوري، والأكبر القهر الذي يحفر بالقلب كل يوم أكثر، والمبكي أنّ إلياس بضحكته البريئة صار صورة في منزله كأنّه يقول أنا وأمثالي خسارة في هذا البلد.

Arabic