هادي سكّر

وُلد هادي سكّر في بشرّي في العام 1943، وترعرع بين أترابه وشقيقتيه. هادي، بكر والديْه، عُرف بصدقه وأخلاقه العالية. فضّل التّواجد في بيروت وضبيّه حيث منزل والديه على البقاء في بلدته، التي ظلّت بعض أراضيها تنتظره لتفقّدها بين حين وحين. أملاكه في بشرّي وحدها بقيت تحمل اسمه الذي غاب عن أبناء منطقته.

هادي كان إسماً على مسمّى فكان هادئاً لدرجة الانعزال عن النّاس. ورغم أنّه درس الحقوق وتمرّس في المحاماة، لم يشأ ممارسة مهنته بشكل دائم، ربّما كان يحب اختيار القضايا البعيدة عن الثّرثرة لصدقه وأمانته ونزاهته لأنّ شخصيّته الرّصينة تميل إلى الابتعاد عن المشكلات والنّأي بنفسه عن الضّوضاء، لكن لم يرد أيّ طالب لمعونة خائباً، وكان يعامل الجميع باحترام

الأستاذ" كان يميل إلى عزل نفسه عن آفّات النّاس عندما أراد أن تكون حياته وزوجته ليليان بسيطة وهانئة، وما زاد عزلته في الآونة الأخيرة مرض السّكري الذي تمكّن منه وكان السّبب في أنّه لم يعد قادراً على الرّؤية.

هو الهادئ لم يتركه إجرام انفجار الرّابع من آب يهنأ بالهدوء الذي كان يأمله، في غمرة جنون انطبعت به بيروت المنكوبة، امتدت هذه اليد لتسلبَ من هادي حياته.

هادي كان يقطن في بيت أهله الكائن في ضبيّه، لكنّه قبل الانفجار بيوم أبلغ زوجته ليليان بضرورة الذّهاب إلى بيته في الجمّيزة للاطمئنان على حال منزلهما، وهذا ما حدث بالفعل. عندما وصلا طلب من زوجته البقاء لليلة هناك، لكنّه لم يكن يعلم أنّ القدر قاده إلى الجمّيزة ليقضي آخر أيّامه هناك. بيته كان شاهداً على الكارثة بكل ما تحمله من معاني الأسى والوجع، وأتت الأضرار التي أصابت البيت بشكل كامل على صاحبه أيضاً، إلّا أنّ جسد هادي المليء بالرّضوض لم يستسلم للموت على الفور. نقلته زوجته إلى بيت أهلها حيث بقي ليومين، لكنّ الرّجل ذا السّبعة والسّبعين عاماً لم يتحمّل ما أصابه من مضاعفات نتيجة قوّة ضغط الانفجار، فبينما كان جالساً على الكرسي سقط مغمىً عليه ونُقل إلى مستشفى فرحات حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.

Arabic