شابٌ ثلاثينيّ من السودان، أجبرته ظروف الحياة على إعالة إخوته الخمسة، فأوقف دراسته وترك وطنه ساعيًا وراء لقمة العيش. نجح حيدر بالاستقرار فكان موظفًا في شركة تنظيفات براتبٍ شهري، "عايش مبسوط"، وقادرًا على إعالة إخوته، إلى أن أصيب وانقلبت الحياة إلى "جحيم".
كان حيدر في منزله في المدوّر يأخذ قسطًا من الراحة بعد نهار عملٍ مرهِق عندما تناثر الزجاج وأصاب يده اليمنى، فأقلق راحته ولم يزل. ضمّد مسعفو الصليب الأحمر يده ونقلوه إلى مستشفى الجعيتاوي حيث طُلب منه دفع مليوني ليرة للدخول وعندما رفض نصحوه بالذهاب إلى مستشفى الحريري كونه مسجّلٌ لدى الأمم المتحدة، ففعل. هناك، لم يتمّ إدخال حيدر أو الإهتمام به بحجّة عدم وجود أسرّة، فانتظر برفقة قريبه على الرصيف، بِيدٍ مجروحةٍ وخاطرٍ مكسورْ، حتى ساعات الفجر حين أُدخل بعد عدة محاولات.
عندها، أُجريت له بعض الصور وأول عمليةٍ جراحية، فقط بعد استحصاله على موافقةِ مكتب الأمم المتّحدة التي غطّت ٧٥٪ من التكلفة، فجمع أصدقاء حيدر المبلغ المتبقّي. انتظر حيدر شهرًا كاملًا حتى استطاع البدء بجلسات العلاج الفيزيائيّ عن طريق "أطباء بلا حدود" على الرغم من حاجته الملحّة لها وذلك لعدم قدرته على تغطية تكلفتها.
استمرت الجلسات لأشهرٍ ومعها بقيت الأوجاع تقلقه ليلًا. ٧ أشهر على هذا الحال راجع حيدر بعدها الأطباء وقرر إجراء عمليةٍ أخرى، فلبّت جمعية "Sams" النداء.
يسانده في محنته، فهو يسكن مع صديقته، ويعتبر أنه تأقلم مع حالة يده، إلّا أنه ما زال لا يرى مستقبلًا له سواء في لبنان أو في السودان: "ما في أمل بالحياة" على حدّ تعبيره، حتى أنه أحيانًا يتمنى الموت على "هيك عيشة". يؤكد حيدر أنه يُفترض التعويض على المتضررين ليتمكنوا على الأقل من استكمال حياتهم بكرامة. كما يشيرُ إلى ضرورة المضيِّ قُدمًا بالتحقيق لمحاسبة المسؤولين. ولأولئك يسأل "شو بتعمل لو هالشي صار فيك؟" لربما في داخلهم ذرّةُ ضميرٍ فتستفيق.