الحديث عن الشّهيد الرّقيب "حسن صادق" يسترسل ويطول. كلّ من عرفه يقول عنه أنّه كان بالنّسبة لوالديه شجرة القلب. صفاء نفسه كان مضرب مثل بين أهالي قريته "وادي الزّين" قضاء بعلبك، التي ولد فيها قبل ستة وعشرين عاماً.
هو إبن المدرسة الرّسميّة درس أولاً في مدرسة "فلاوي" قبل أن ينتقل إلى ثانوية "شليفا". يقول رفاقه في المدرسة أنّ إسمه كان يدلّ إليه لما كان يتمتّع به من صفات حميدة.
ظروفه المادّيّة لم تساعده على إكمال دراسته. في مؤسّسة الجيش التي دخلها بعد إكماله المرحلة المتوسّطة، كان "حسن صادق" زنبقة بين رفاقه في الإخلاص والتّضحية والدّقة في تنفيذ المهمّات. ها هي التّنويهات الكثيرة التي نالها خلال حياته العسكريّة تُضيء افتخاراً في منزل والديه.
في حياة حسن صادق حبّ مقدس قوامه طفلان صغيران "حسين ولين" كانا ينتظران عودته من الخدمة، ليأخُذا هاتفه ويلهوان به. اليوم وقد رحل حسن فإن الهاتف مازال يختصر الشّوق الذي فرضته الغربة الأبدية. تراهما يتحلّقان حوله كل ليلة يخاطبان الصّور التي في داخله، فيما والدتهما تراقبهما بعينين يكاد يذبحهُما الفراق.
في الرابع من آب،th منذ دخوله المؤسّسة العسكريّة ارتبط حسن صادق بصداقة متينة برفيقه في السّلاح اسطفان روحانا. كانا نموذجاً للمثل القائل "ربّ أخٍ لم تلده أمّك". يوم الرّابع من آب، كان الرّقيب حسن صادق في مركز خدمته في القاعدة البحريّة، وكان معه الرّقيب اسطفان روحانا، بعدما أخّرا مأذونيّتهما يوماً واحداً. "جدول الخدمة لذلك اليوم يشير إلى أنّ دورهما في الحراسة كان سوية، وكان يبداُ عند الثّامنة مساء وينتهي في الساعة الحادية عشرة ليلاً. إلا أنّ إصرار حسن صادق على تقديم موعد نوبته في الحراسة هو والشهيد اسطفان روحانا إستُجيب له من قبل الضّابط المسؤول عنه. لحظة نشوب الحريق كُلّف الرّقيب حسن صادق بالتوّجه إلى مكان الحادث لاستطلاع مايجري. لم يودّ الذّهاب وحده، أصرّ على أن يصطحب معه الرّقيب اسطفان روحانا، الذي تردّد في البداية، لكنّه عاد وقبل . ومذّاك، اختفى أثرهما...
أربعة أيّام بعد وقوع الانفجار قضاها ذوو حسن صادق في البحث عنه. جثّته كانت موضوعة في برّاد احدى المستشفيات، وإلى جانبها جثّة الرّقيب اسطفان روحانا، وكأنّهما لا يطيقان هموم الفراق حتّى في الممات." "في الثالث من آذار 1953 كان لحياة جرجي فاضل النفس الأول في مسيرة حياتها حيث ابصرت النور وستبدأ الحكاية.
الجميزة، المنطقة التي ترعرت فيها إلى جانب شقيقيها وشقيقاتها الثلاث، ولعبت في ازقتها وتلقت تعليمها في مدرسة العازرية ، فكانت الطفلة المحبوبة صغيرة العائلة المدللة التي تميزت بجمال ونقاء الروح بالإضافة لحنانها الذي ازداد كلما تقدمت في العمر. تلقت تعليمها المهني ووصلت إلى مرحلة متقدمة منه، ثم تزوجت من ميشال زيتون."