لم يدرك عماد أن تأخره عن عمله سيكلفه نهاية حياته. امه تصفه بأنه الابن البار والبطل الذي تفتخر به حتى النفس الاخير.
فهو بالنسبة لعائلته، كان الاب والاخ والسند والابن الحنون والشهم والشجاع، الذي يبادر إلى المساعدة دون تردد. وهو ايضا الشاب المؤمن وصاحب النخوة والمحب لعائلته ولكل المحيطين به.
تحسسا منه بالمسؤولية تجاه عائلته قرر عماد أن يعمل في سن الرابعة عشر، ويتحول من الطالب الى المعيل.
اختبر صعوبات الحياة منذ الصغر، فكافح لتستمر حياته وحياة من حوله... إلى أن انتهى به المطاف في إدارة واستثمار مرفأ بيروت. فبعد أن أنهى خدمة العلم، وبعد عناء التفتيش، كان اضطرار الام الى اللجوء الى المعارف و الطلب اليهم السعي لتوظيفه هناك.
أصبح لدى عماد أربعة اولاد: ابنتان وولدان، أكبرهم مراهقة، وأصغرهم لم يتعد عمره أصابع اليد الواحدة. هو بالتالي أصبح مسؤولا عن أكثر من عشرة أشخاص.
عماد كان يعمل كـموظف إداري في المرفأ، وفي أحيان كثيرة كان يتطلّب عمله منه البقاء الى ما بعد الظهر، لا بل إنه كان يمضي أكثر ساعات اليوم بين زملائه، ولم تكن عائلته تحظى برؤيته بالقدر نفسه .
في الرابع من آب، لم يكن هناك من داع طارئ يبقيه بعد الدوام، لكن تأخره عن العمل، في صباح ذلك اليوم، دفعه الى ان يبقى ليعوض عن هذا التأخير. لم يكن يدرك انه سيبقى ليلقى حتفه، لا بل إن يندفع هو نحو مصيره الأسود. إذ أنه "عند اندلاع الحريق، هب عماد للمساعدة في إطفائه، وإبعاد الناس كي لا يصيبهم اذى. يقول اخوه مهدي أن عماد أبعد الصيادين عن البحر حتى لا يتأذوا.
عماد الذي تناقلت صوره وسائل التواصل الاجتماعي، هو صاحب السترة البيضاء الواقف امام باب العنبر لإخماد الحريق. لم يلبث ان تفتت جسده جراء الانفجار."
خبر الانفجار، تلقته العائلة بحسرة وفاجعة وانكسار فقد بقيت الام والزوجة والاخوة والاقارب في المرفأةيحاولون عبثا العثور على ولدهم الحبيب.
وما انفك ذووه يتفقدون المرفأ والمستشفيات. وظلت أمه المنكوبة تتردد الى موقع الانفجار وتصرخ تنادي ولدها، وتقول: يمكن اذا سمع صوتي وشم ريحتي بيعرفني... وفي اليوم السادس على الانفجار، عثر على عماد.
لم يكن للأسف جثمانه كاملا، كان قريبا جدا من مكان الانفجار لدرجة تطاير جسده، ولم يجدوا منه سوى مجرد فتات. وتم التعرف عليه عن طريق فحص الحمض النووي."