عيسى خضر

في محافظة حمص السّورية، وفي قرية خانة الحصن على وجه التّحديد، وُلد عيسى الخضر قبل ثلاثة وثلاثين عاماً في كنف عائلة متواضعة كان رابع أبنائها. كان عيسى شغوفاً بالعلم والثّقافة والأدب حيث التحق بكليّة الآداب ودرس الأدب الإنكليزي في سوريا. ثمّ سافر إلى الصّين حيث نال شهادته في مجال الهندسة البحريّة ورجع إلى وطنه ليعمل في هذا المجال في المرافئ السّورية، وكان يعمل قبيل وفاته على نيل درجة الماجستير في الأدب الإنكليزي أيضاً. أمضى أغلب أيّامه يجول البحار شرقاً وغرباً فلم يتسنّ له زيارة عائلته إلّا في أيام عطلته المعدودة

عيسى تزوّج وأصبح والداً لطفلين صغيرين أكبرهما جواد ابن الرّابعة ونيف، وتاج التي لم تتعدّ الثّانية من عمرها.

كان عيسى أو "أبو جواد"، أبا عطوفاً وحنوناً، بذل حياته في سبيل تأمين حياة كريمة لطفليه. كما كان أخاً متفانياً وصديقاً وفيّاً، فحملت شخصيّته كل الصّفات الحسنة، وكان مميّزاً، يترك بصمة أينما ذهب وانطباعاً مؤثّراً في نفوس كلّ من عرفه.

ضحّى عيسى بأيام شبابه ليؤسّس لعائلتيْه الصّغيرة والكبيرة حياة لائقة، وحرم نفسه من الملذّات، وكان طوال حياته، وإلى حين وفاته إنساناً شهماً قضى في سبيل الطّموح ورغيف الخبز.

قبيل الحدث المؤسف، رست الباخرة التي يعمل عيسى على متنها في مرفأ بيروت لإنزال حمولتها. وبينما كان في برج الباخرة يجري مكالمة فيديو مع عائلته حدث الإنفجار، وانقطع الاتّصال.

عبثاً حاولت عائلته معرفة مصيره، وبقي عيسى جريحاً يصارع الموت بعد إصابته بشظايا عديدة سبّبت له نزيفاً حادّاً، وفارق الحياة بعد محاولات عدّة لإنقاذه باءت بالفشل.

خسر ذووه شابّاً طموحاً وإبناً عزيزاً، ولن تعرف صغيرته والدها التي لم تره سوى مرّتين، إلّا عبر قصّة انفجار ذهل العالم أجمع لضخامته فكان من أكبر الانفجارات في تاريخ الإنسانيّة. ولداه تاج وجواد سيسْمعان مراراً من والدتهما سيرة حياة أبيهما الذي قضى في سبيل لقمة العيش والطّموح في العيش حياة كريمة."

Arabic