وُلد جمال في بنغلادش في الحادي والعشرين من تمّوز عام 1993 في كنف عائلة دود ونورجهان ميا ونشأ مع ثلاثة أشقّاء وشقيقة. ومع أنّ عائلته كانت فقيرة مادّيّاً لكنّها كانت غنيّة إيماناً وأخلاقاً.
تلقّى تعليمه في بلده دون أن يُحالفه الحظ بإنهاء تحصيله العلمي. وبين البقاء في بلده بنغلادش والعمل في الخارج، اختار لبنان بلداً للقمة عيشه وعيش والديه وإخوته. جاء إلى بيروت عام 2016 عبر وسيط، وبعد سنة ونصف السّنة ترك كفيلَه باحثاً عن عمل آخر بمردود أفضل، ليتّخذ مع زملاء له مسكناً بالقرب من مستشفى الرّوم- الأشرفيّة، ويجد عملاً في مطبخ مطعم Pizzanini في الجمّيزة قبل سنة ونصف السّنة.
كان من العمّال الأكثر بؤساً، إذ كان يُساند أسرته في بنغلادش، التي بنت كل آمالها وأحلامها على الأوراق النّقدية التي يتقاضاها جمال. رغم حياته البائسة وبالرّغم من كل الظّروف الإقتصاديّة التي كان يعيشها، كان دائما مُتفائلاً، مُبتسماً، مشرق الوجه، لطيف المعشر، نشيطاً صاحب أخلاق حميدة. لكنّ شبح الموت لم يفرّق بين صالح وطالح.
في السّادسة وسبع دقائق من ذاك الرْابع من آب المشؤوم كان جمال في المطعم يعمل في المطبخ. انفجر العنبر 12 المواجه لعمله وأبعده بعض الكيلومترات ليسقط جمال جريحاً وسط دمار هائل. عند السّاعة العاشرة ليلاً، نُقل جمال إلى مستشفى القدّيس جاورجيوس بحالة حرجة ثمّ نُقل بعد ساعة إلى مستشفى جبل لبنان ومكث فيها 21 يوماً، خضع خلالها لعدد من العمليّات الدّقيقة، وبقي يُصارع آلامه جرّاء الزجاج الذي استوطن جسده النّحيل، لتُوافيه المنيّة يوم 25 آب 2020. وبحسب التّقرير الطّبي فإنّ الوفاة ناتجة عن نزيف حاد وإصابات بالغة جرّاء الزّجاج.
بقيت جثّته في برّاد المستشفى بضعة أيام ريثما حُضّرت تأشيرات ومعاملات ترحيل جثث الرّعايا البنغاليّين الذين قضوا في الانفجار، فاستقبلَهم ذووهم بالدّموع بعد طول غياب لم يشهدوا فيه إلّا شقاء العمل في الغربة وأحداث انفجار هائل زلزل الأرض وحرمهم من الحياة.