عَشق مدينة بيروت وصمّم فيها المباني العصريّة والمميّزة لتكون شاهدة على جمال "ستّ الدنيا"، لكنّه لم يكن يُدرك أنّ الدّمار المفاجىء الذي لَحِقَ بها سيجعلها شاهدة على بشاعة ما جرى.
هو الإبن الوحيد للمهندس المعماري موريس بونفيس ونورما جدعون، والأخ الأصغر لشقيقته دومينيك بونفيس تابت. وُلد في بيروت وتلقّى دروسه الابتدائيّة في مدرسة "الجمهور". أكمل دراسته في باريس وتخرّج مهندساً معماريّاً بدرجة إمتياز من "باريس فيلمان" و"اللّوفر" عام 1987، وحصل على الدّراسات العليا من "إي.إي سكول" في لندن.
عَمِل في باريس لعشر سنوات وشارك في مشاريع تنمويّة عدّة أبرزها الحديقة الخضراء التي تضمّ 3 ملاعب للغولف و فندقين و900 منزل فردي ومبانٍ إدارية. عاد إلى لبنان عام 1995 بعد أن فاز ووالده موريس بمسابقة التحضّر في وسط بيروت أثناء إعادة إعمارها. أصبح عام 1999 عضو اللّجنة الوزاريّة للمحافظة على الأبنية والتّراث في وزارة الثّقافة ومستشار وزير الثّقافة آنذاك. وَضَع البرنامج الأوّلي لهندسة المكتبة الوطنيّة، لكنّ السّياسيّين الفاسدين سرقوه منه، على ما تقول شقيقته دومينيك المفجوعة، ولم يستطع من أجْله استعادة حقوقه. كان همّه الأكبر إعادة تأهيل المتحف الوطني كونه عضواً في لجنة إعادة افتتاحه بعد الحرب، وفي متحف تربل، ومهرجان السّورات.
أطلقَ شركة "جي. أم. بونفيس أند أسوسيتس" للهندسة المعماريّة في العام 2006، وقد وظّفت 15 معماريّاً ونفّذت أكثر من 100 مشروع في لبنان وفرنسا ونيجيريا والإمارات والسّعودية. تميّز بثقافته الهائلة و بفضوله، كما عُرف باستقامته وإحسانه وكرمه، وأطلق عليه أصدقاؤه لقب "الرجل الذي يبتسم". درّس في الجامعة الأميركيّة، وفي الألبا في سنة تخرّجه واختير عضواً في لجنة التّحكيم، فكان أستاذاً محبوباً ومنفتحاً ولطيفاً للغاية.
وَصَفَ الرّجل الخمسيني الجذّاب ذو الشّعر الرّمادي بيروت بأنّها "مدينة تناقضات من واقع مختلف يلتقي وينفصل".
حاز على جوائز دوليّة عدّة أبرزها المرتبة الأولى في "آسيا أركيتكتشور أوورد" عام 2015 عن فئة المباني السّكنية، عن "إيست فيلدج" الذي مَزَج فيه العمارة المعاصرة والتّقليدية.
قبل دقائق من الإنفجار المروّع، كان جان-مارك أمام نافذة مطبخِه في شقّته في "إيست فيلدج" الواقع في مار مخايل المقابل للمرفأ يُصوّر فيديو للحريق وينقلُه مباشرة على "فيسبوك". أُصيب إصابة بالغة. كان لا يزال على قيد الحياة عندما أسعفه أحد الأصدقاء ونقله إلى مستشفى الجامعة الأميركيّة. غير أنّه لفظ أنفاسه الأخيرة بعد ساعات.
حَلُم بلبنان يحترم مواطنيه وخالٍ من الفساد ليعيش فيه الإنسان بشكل لائق. غير أنّ حلمه هذا لم يتحقّق.
مع رحيله خسر لبنان رجلاً وطنيّاً لا يُقدّر بثمن، كرّس حياته لإعادة إعمار بيروت مع احترام تراثها المعماري رغم كلّ الفرص التي أُتيحت له في الخارج. حتى جاء انفجار مرعب على غفلة ودمّر أعماله الرّائدة. فمن سيُعيد الحياة والجمال لمباني بيروت مجدّداً مع فقدانه؟!