رزقت عائلة قهوجي بتوأم إناث في الأشرفيّة، جويس رأت النّور أولاً وبعدها بدقائق جيسي.. درست جيسي في مدرسة العازريّة، لتنتقل بعدها إلى المدرسة الرّسمية المجاورة المعروفة بمدرسة الشّحروري حيث أكملت المرحلة الثّانوية، ومن ثم إلى الجامعة اللّبنانية لتدرس العلوم التّمريضية.
جيسي هي أم لإيلّا إبنة السّنتين وثلاثة أشهر، هي صاحبة الملامح الطّفولية و اللّمسات المميزة والشّخصية الهادئة الرّزينة التي كانت ما إن تطلب حتى يستجاب لطلبها. حنونة هي ودائماً ما تأخذ المبادرة عند القيام بأي مشروع وتنظّم الإحتفالات..
هي "لايدي" بكل ما للكلمة من معنى: مهذّبة وتتحدث بصوت خافت، لا تفارق البسمة ثغرها
صفاتها هذه جعلت منها محبوبة ومحترمة من الجميع. لديها إحساس مرهف لجهة اهتمامها بطفلتها إيلا ... أطفال السرطان لهم في قلبها مكانة خاصة: عندما كان ذووهم يمرون في ضائقة مالية، كانت جيسي تأخذ المبادرة وتتحدث بإسمهم مع جمعيات تُعْنى بتقديم المساعدة. الحياة التّمريضية كانت كلّ طموح جيسي، فهي تعمل في مستشفى القدّيس جاورجيوس (الرّوم) في الأشرفيّة منذ حوالي عشر سنوات وهي مسؤولة القسم الذي تعمل فيه مع كبار السّن.
كان أهلها في بيتهم في الأشرفيّة حين وقع انفجار المرفأ، دفعهم العصف إلى الخارج .. لم يخطر في بالهم أنّ الانفجار لحق بالمستشفى الذي تعمل فيه جيسي
اتصلت الأم بزوج جيسي إيلي الذي أخبرها أنه كان يتحدث معها منذ بعض الوقت. إلا أن شقيقة جيسي لم تطمئن، حاولت الاتصال بها لكنها لم تُجب. اعتقد أهلها انها في الطّوارئ للمساعَدة، اتّصلوا بزملائها، بدورهم لا يجيبون.. أخيراً، أجاب أحدهم على هاتف جيسي، وأخبر والديها أنّ جيسي مصابة.
هرعت شقيقتها لمعرفة ما حدث لجيسي . قصدت المستشفى لتجده مدمّراً ومكتظّاً بالمصابين. فتّشت عنها .. عثرت عليها من الجوارب التي ترتديها. لقد كانت جيسي مرميّة على الأرض. "على الأرجح أنها ميتة" قالت جويس في نفسها. وبالفعل، جيسي تلقت ضربة على عنقها وجرح رأسها، ما أدى إلى نزيف داخلي حاد. أُدخلت إلى الطّوارىء حيث حاول الأطبّاء عبثاً إنعاشها، ثم نُقلت من المستشفى المنكوبة إلى مستشفى مار يوسف.
تلقّى زوجها إيلي داوود صورة لجيسي بُعيْد إصابتها، أظهرت الصورة تلك وجود القليل من الدم على رأسها حتى أنّ شعرها كان لا يزال على حاله. كان بالإمكان إنقاذها ، لكنّ ذلك بات مستحيلا بعد مرور ثلاث أو أربع ساعات تقريباً.