جهاد سعادة

وُلد جهاد في مزيارة ودرس في مدرسة الفرير كفرياشيت، ثم انتقل إلى مدرسة معهد الرّسل الداخلية في جونية، بعدها سافر مع عائلته إلى اللّومي حيث أكمل دراسته خارج لبنان.

جهاد كان مسالماً وقريباً من الجميع، وصديقاً يُعْتَمَدُ عليه، وهادئاً وبعيداً عن افتعال المشاكل، حتّى أنّه يتمتّع بشعبيّة كبيرة ومحبوب جداً ويساعد في بلاد الاغتراب اللبنانيين هناك..

جهاد كان يعمل في التّجارة الحرّة ويشغل منصب مدير في أحد الفنادق في نيجيريا.

أمّا عائليّاً، فكان الأب الحنون والرّقيق القلب، همّه فقط عائلته وولديْه اللذيْن لطالما حلم في أن يستقر معهما في بلد واحد.

طموح جهاد في أقصى غايات النّبل، فجلّ ما كان يرجوه هو أن تُشفى ابنتهُ وهي ابنة السّت سنوات من مرض السّرطان الخبيث وتسافر مع عائلتها، ويحقّق لها أحلامها.

جهاد وصل إلى لبنان للاحتفال بالقربانة الأولى لابنه كارل ابن التّسع سنوات، إلّا أنّ الرابع من آب المشؤوم عاكس كل الأمنيات. وصل إلى لبنان وخضع للحجر، ثم صعد إلى ضيعته مزيارة وإلى إهدن حيث اطمئنّ على أهله وابنه، وعاد لينزل إلى مستشفى القدّيس جاورجيوس - الروم ليرافق زوجته وابنته.

في ذاك الثلاثاء، ابتاع هديّة لإبنه لمناسبة عيد مولده، وعاد إلى المستشفى. وبينما كانت سهى تتحدث إلى زوجها لاحظت دخانا يتصاعد من ناحية المرفأ.

أرادت سهى ان تسأل الممرضات ما إذا كان هناك خطْب ما ، فلم تجد أحداً ولم تكد تصل إلى غرفة ابنتها حتى وقع الانفجار. وجدت زوجها على الأرض وابنتها تصرخ، حاولت سهى إسعاف جهاد الذي تلقى ضربة على رأسه أدّت إلى طحن عظام رقبته بشكل كامل وكانت أذناه تنزفان.

نزلت سهى من الطّابق التّاسع على الدّرج علّها تجد طبيبا يسعف زوجها، التقت بطبيبه الذي صعد معها وأخبرها لدى معاينة جهاد أنّه بحاجة إلى تنفّس اصطناعي، لكنها لم تجد أيّ من الأدوات الطّبية لإسعاف زوجها وسط الدّمار الذي لحق بالمستشفى. عادت أدراجها إلى الطّوابق الأولى لتستنجدَ بشبّان لحمل جهاد ونقله إلى مستشفى آخر. حاولوا عبثاً إدخاله إلى مستشفيات المنطقة فأخذوه إلى مستشفى هارون في الزّلقا لكنّ جهاد كان قد أسلم الرّوح.

وغدر الموت بابنه الذي تمنى على والديه أن يحضرا عيده، إلّا أنّ الأماني في الكثير من الأوقات مهما كانت بسيطة يَحُول الشّر دون تحقيقها.

Arabic