ماريا عبيد

عندما كانت ماريا عبيد تحتفل بيوم عيد ميلادها الرابع عشر في الثالث من آب ٢٠٢٠ لم تكن تعلم أنه سيصبح للرابع منه أيضًا ذكرى، إنّما من نوعٍ آخر.

"هي تلميذةٌ متفوقة وطفلةٌ موهوبة، ترسم بشغفٍ وتصنع أساور الخرز لتهديها لأصدقائها." هكذا تختصر ريم حياة ابنتها ماريا قبل تفجير الرابع من آب. أمّا بعده فتبدّلت اهتمامات ماريا واحتلّت أوقات فراغها محاولاتها الدائمة لتخطّي ما جرى والتحلّي بالقوة، فعُلّقت طفولتها إلى أجلٍ غيرِ مسمّى.

في ذلك اليوم، كانت ماريا في منزلها في مار مخايل حين سُمع أوّل دويّ انفجار، لم تكُن تعلم مصدر الصوت لكنّها اعتقدت أنها بمأمن، إلى أن دوّى التفجير الأكبر وزَعزَع مصدر أمنها، قضت قوة التفجير على زجاج "الفترينا" التي كانت تجلس ماريا على مقربةٍ منها، فتناثرت قطع الزجاج وأصيبت إحدى عينيها. تنقّلت ماريا من مستشفى الى آخر برفقة والدتها طالبةً المساعدة حتى وصلت إلى مستشفى "العين والأذن" " “ Eye & Ear Hospitalفي النقاش حيث أجريت لها أول عملية جراحية بعد منتصف تلك الليلة الطويلة.

اتّسمت رحلة علاج ماريا بالصبر والعزيمة، تخلّلها لغاية اليوم ٧ عملياتٍ جراحية. غطّى ضمان والدها معظم تكاليف العمليات وتكفّلت وزارة الصحة بالباقي. لكن، لما كان كل ذلك ممكنًا لولا الأيادي البيضاء التي أبت إلّا ان تحصل ماريا على حقّها بالعلاج في ظل غياب الدولة فتكفّلت بأعباء الزيارات المتكررةِ للأطباء. أمّا عن تكاليف قطرات العين التي شكّلت أيضًا جزءًا من العلاج، فتحمّلتها عائلة ماريا.

على الرغم من مرور أكثر من سنتين، ما زالت ماريا تتحمّل تبعات تفجير الرابع من آب وما زالت ريم ترفض استيعاب مدى إهمال المسؤولين وعدم اكتراثهم فتقول: "معقول في بلد هيك ما حدا بيهتم بالناس لي اتضرّروا" وتضيف "الله لا يسامحن لي كانوا السبب بعذابنا".

تعتبر ريم أن من حق ابنتها الحصول على تعويضٍ عن الضرر الذي ألحق بها و تأثيره على حياتها ، كذلك، تطالب أن تتكفّل الدولة بكل مراحل علاج ابنتها ولو طال الزمن، ولكن "من مين بدّك تطالبي" تقول ريم، "لمين عم يسمعوا". كما تؤكد ريم على ضرورة المحاسبة وتحقيق العدالة ولو أن ذلك لن يغيّر ما حصل إنما "لتنفس قلباً محقوناً "وتشدد "منّي مسامحتن..كيف بدي سامحن..في الله كبير".

Arabic