أنها من أكثر القلوب التي كانت قُربا للناس"": هكذا يقول عنها جيرانها وأقاربها في ""كفرشيما"". هي الوجود كل الوجود، كانت بالنسبة لعائلتها.
في خضم أسلاك الحياة الشائكة، كانت امرأة استثنائية. حينما كانت هموم الحياة تتحكم بزوجها ميشال وتحاصره وتحاول أن تقلب الطاولة عليه، كانت ""ماري"" هي الانتفاضة والابتسامة التي تعيد إليه عزيمته.
فهيم، ريما وجوزف لم يصدقوا حتى اليوم أن والدتهم رحلت. مازالوا يبحثون عن وجهها في ملامح المساء. كيف لا وهي التي أعطتهم حباً في أتساع الفضاء وعلمتهم الطيران وسط الضباب والمشي بين الوحول دون أن يقعوا فيها؟"
في حياة ماري فرحات انها كانت تعطي دون تصنّع أو تمنّن على أحد. هي نكهة أخرى من العفة في التعامل مع الآخرين. كل جيرانها وأقاربها كانوا يجدون فيها شيئاً مختلفاً. هي صندوقة الصمت للقصص التي كانوا يخافون قولها. في حكمتها كانوا يجدون صدى الراحة. معها كان يختفي الشعور بالإختناق.
لم تكن ماري فرحات تحب الروتين في حياتها. كانت تحاول كل يوم ان تضع عليها لمسات جديدة. هي كانت تحب ان تهدي الحياة كل ما تملك.
كبرت ماري تقدمت في السن دخلت في الثمانين. أخذت نفساً عميقاً بعد ان اطمأنت إلى أولادها. بعد ألاولاد جاء دور ألاحفاد.هم الولادة الجديدة مع كل نسمة صباح. هم العالم ألاكثر جمالاً كانوا بالنسبة لها.
ولأن الحياة هي كالجمر الذي لابد في النهاية ان يصبح رماداً يتطاير منه اللهب ليسكن أخيراً في مشهدية الغياب، وقبل أيام من أن يتلاشى الضوء وتذهب "ماري" في غفوة أبدية،،،، حصل أن كسرت رجلها. في الرابع من أب الذي أصيبت فيه المدينة بالهلوسة ولاتزال. كانت ماري ترقد في سريرها في مستشفى الروم. ما الذي جعل ابنها دقائق قبل وقوع ألانفجار يقرر ان يصعد الى الطابق السابع لعيادة قريب له؟ هل هي خلايا اللاوعي التي تسكن داخل كل واحد منا هي التي استيقظت في تلك اللحظة، أم انه القدر هو الذي تدخل ليكتب روايته بكل اتقان؟th ماهي ألا لحظات حتى خفق الرعب خفقته، وساد المستشفى هرج ومرج، وتحول كل شيء الى دام وحزين.
ماهي ألا لحظات حتى خفق الرعب خفقته، وساد المستشفى هرج ومرج، وتحول كل شيء الى دام وحزين.
استراحت حواس "ماري" قضت كضوء في العاصفة إذ هبط عليها سقف الغرفة. أخذت معها مخزون السلام والطمأنينة التي كانت تشيعه في محيطها، هي كانت تحب ان تهدي الحياة كل ما تملك. وتركت لنا وطناً مازال فريسة سهلة للأصطياد.