كان دوام مروان حسن شمعوني العائد من أسبوع عطلة الى عمله الذي يختص بالسفن في مرفأ بيروت يوم الاثنين في الثالث من آب ٢٠٢٠ .
مروان متزوج ولديه طفلتان احداهما لديها اعاقة.
كان 4 اب يوم عمل عادي بالنسبة لمروان كما لغيره ممن يعملون في المرفأ علماً أنه يعمل هناك اسبوعاً كاملاً ليأخذ اجازته طوال الاسبوع الذي يليه، إلا أنه تحوّل من يوم عملٍ طويل الى يوم مأساوي حزين. لم يكن مروان يعي ان ثمة أمرًا سيئًا سيحدث في ذلك التوقيت من يوم الثلاثاء في 4 آب..
لا يتذكر مروان مجريات الواقعة يقولها بصراحة لأنه فقد الوعي ولم يستعده الا في المستشفى التي أدخل إليه حينذاك. يقول مروان: كل ما اعرفه ان الله أرسل لي شخصاً ساعدني في تجميع رأسي الذي كان الجلد فيه مقشوطاً وجزءًا منه مفتوحاً وظاهراً إضافة الى التواء في فقرات الرقبة لأن الضربة كانت قوية، ولا أعرف ما الذي ضرب بي.
وتابع: الصليب الأحمر قال انه لا يمكنه نقلي معهم لان وضعي ميؤوس منه، وربما أموت معهم قبل ان نصل الى اقرب مستشفى.. كانوا يتحدثون بصراحة انهم سيأخذون المصابين الذين ما زال الوقت يخدمهم لجهة انقاذهم او بمعنى اصح من هم بحالة افضل من حالتي، والصليب الأحمر كان معهم مصابون كثر
ويتفهم مروان الآن هذا الموقف اذ ان نقله كان يحتاج الى عنايةٍ استثنائية فرأسه مفتوح والقسم العلوي مقشوط ويحتاج، ربما، إلى معدات خاصة لنقله إلى داخل سيارة الصليب الأحمر. وأضاف: اتى شخص لا اعرفه ولم أتعرف عليه حتى اللحظة وضعني على عربة واخرجني من المكان ونقلني الى مستشفى الخوري وانا فاقد الوعي ولا اعرف ما حدث وما حجم إصابتي او ان كنت حياً او ميتاً .. مروان دخل حينئذ في غيبوبة، وبعد يومين تم نقله الى مستشفى في صور حيث يسكن، وخضع الى صور اشعة ليتبين انه يعاني من التواء في الرقبة وبحاجة الى اجراء عملية تركيب جهاز يثبت الفقرات في منطقة الرقبة، كما أصيب تلف الأعصاب في الرجل.
تمت العناية به بشكلٍ جيد في المستشفى وحصل على الرعاية المطلوبة
حل بعض ممن لديهم ضمير مكان الدولة ليحصل مروان على المساعدة من قبل رئيس البلدية ورفيقه.. وبعدها عمد الصليب الأحمر الى تقديم المساعدة في المرحلة الأولى من رحلة علاج مروان بحوالي 200$ شهرياً وعدا ذلك لم يلق مساعدة من احد إلا أنه لا يزال في عمله في مرفأ بيروت.
شمعوني الذي مر بأبشع الأوقات لم يعد قادراً على حمل غالون 20ليتر بينما قبل الإصابة كان يحمل ثلاثة او أربعة معًا. وهذا الامر أثر على عمله في السفن الذي يتطلب مجهوداً جسدياً كبيراً وقوة بنيوية وبدنية ..
فهو لم يعد قادراً على مزاولة عمله الأساسي القائم على شد حبال السفن بل اصبح يراقب زملاءه في العمل وهم يقومون بعمله.. مروان هو معيل عائلته وراتبه الذي يتقاضه لا يكفيه ولا مدخول إضافي له. صحته لم تعد تسعفه للعمل بمهنةٍ اضافية مهما كانت مريحة فالأوجاع لا تبارح مروان، وهذا ما يصعّب عليه الامر. مروان لم ينصف، وهو الذي يعاني من اوجاع مختلفة وبين الحين والآخر يجب تناول دواءٍ لرجله التي أصيبت من "نفض الاعصاب" وأيضا ادوية أخرى. وربما الايمان هو الشيء الوحيد الذي يتسلح به لكي يقوى على مجابهة الاوجاع والأوضاع الاقتصادية الراهنة، بينما الدولة التي كان يجب ان تقوم بما يتوجب عليها وتقدم له العلاج والرعاية المطلوبين وتتحمل التكلفة كجزءٍ من حقه عليها، كانت هي نفسها في غيبوبةٍ وانعاشها كان بالأمر المستحيل.