هو ثاني الأولاد في عائلة رجا زويهد ولينا التنوري المؤلفة من ثلاثة أبناء. وعلى الرغم من ان الشويفات كانت البلدة التي نشأ فيها ودرس في مدارسها، بقيت حاصبيا، مسقط رأسه، الرئة بالنسبة له، كان يقصدها كلما سنحت له الفرصة: هناك تنقّل بين الحقول يلاحق الطيور ببندقية صيد. وهناك أيضاً إمتدت يده الى الارض فتحولت الى مساحات خضراء... كان عاشقاً للطبيعة تتحرّك فيه كما تتحرّك الذات وتطلق إنحباساتها.
هناك أحتلّ قلبه الحب الاول، والذي ظلّ ساكناً فيه الى اللحظة الأخيرة، حتى أنه قبل أيام من الرابع من آب المشؤوم، أخبر حبيبته أنه استحصل على الرخصة لبناء عشّ الزوجية.
عصاميّ هو، تعب حتى وصل. تحمّل المسؤولية باكراً، فكان يعمل ويدرس في نفس الوقت، حتى نال شهادة الهندسة في الميكانيك. بعد تخرّجه من الجامعة عمل مازن في مؤسسات عدة. بحثه الدائم عن فرص أفضل للتطور قاده إلى المؤسسة التي كان يعمل فيها لحظة وقوع الانفجار.
نهار الرابع من أب كان يوم إنفجار الوجع وارتحال الفرح عن عائلة رجا زويهد. في هذا النهار غادرمازن إلى عمله. خلال النهار اتصالات عدة أجراها مازن بوالدته وحبيبته قبل رحيله ليطمئن عليهما، وكأنه كان يعلم أنه بعد ساعات، سيغرق في عتمة الصمت الى الابد...
كانت الساعة تشير إلى الخامسة حين اتصل مازن بشقيقه وائل ،وأخبره أنه باق في المكتب إلى ما بعد أنتهاء الدوام لإنجاز بعض الأعمال.
وعند سماعه نبأ الدوّي الكبير بادر شقيقه وائل الى الاتصال بمازن للاطمئنان عليه،ولكن ألاخير لم يجب...جاء الليل، ولم يعد مازن إلى المنزل بعد. بدأ القلق بستبدّ بوالديه ويستفحل. كانت أعمال البحث عن الضحايا قد بدأت بين ألانقاض، ووصلت إلى مبنى الشركة التي كان يعمل فيها مازن، بالقرب من مكان ألانفجار.
وُجدَ مازن نائماً تحت الركام، ولكن من دون صحوة توقظه هذه المرّة..تعرّف عليه أحد اصحاب المحلات القريبة، التي كان يقصدها لشراء الحلويات.
في مستشفى ماريوسف تجمّع ذووه يحدّقون في وجه الشاب الذي امتلك روح إلارادة والعزيمة طوال حياته للوصول إلى أعلى المراتب، ولكن احلامه نزفت فجأة وضاعت كما تضيع أوراق الشجر في هجمة الريح.