مينارفا الشرتوني

الجميع يتذكر ضحكاتها، مزاحها وحتى غضبها ويبكي حنينا اليها.

هي التي كانت تعمل قبل التقاعد في شركة الميدل إيست، عُرفت بجرأتها خلال فترة الحرب اللبنانية كانت تتنقل بين المناطق دون خوف.

أحبتها عائلتها وجيرانها ، كانت مينيرفا تبتسم دائمًا وتساعدها. تجنبت التعليقات والمواقف المزعجة ، وابتعدت عن الجدال. كانت دائما مسالمة.

كانت مينيرفا أمًا وأبًا لولديها جوزيف وساندرا خاصة وأن زوجها الذي يعيش في الخارج مرض وعاد إلى لبنان. عملت في وظائف متعددة لإعالة أسرتها.

يوم الرابع من آب، ذهبت مينيرفا عند الساعة الواحدة والنصف ظهرا لإطعام كلبها Pinky وتكلمت مع ابنتها اكثر من مرة، وعند ‪الساعة ٦‬ الا ربعا مساء أرسلت لابنتها رسالة صوتية تُخبرها فيها عن حريق مترافق بأصوات مفرقعات في المرفأ، كما اتصلت بإبنها الذي طلب منها عدم الوقوف على الشرفة خوفا عليها، لتدخل الى غرفتها قبل ثوان من الانفجار الذي رماها في رواق المنزل ووقع عليها باب غرفتها.‬‬

لم تسمع ساندرا صوت والدتها في ذلك الوقت ، لكنها سمعت الانفجار بينما كانت في قرية شارتون. هرعت إلى بيروت للاطمئنان على والدتها التي اتصلت بها ، قبل أن تفقد وعيها ، تصرخ طلباً للمساعدة: "ساعدوني! بج البيت فيني" ...

جوزيف الذي يعتبر ان اتصال والدته به طالبة منه عدم المجيء اليها بسبب ضخامة الحريق نجاه من الإنفجار نقلها بعد ذلك الى مستشفى سيدة المعونات، حيث تبين انها كانت تعاني من كسور عدة في الركبة والكاحل وفي القفص الصدري، كما تبين وجود جلطة دموية في الدماغ، ما اضطُر الاطباء إلى التريث قبل إخضاعها لأكثر من عملية جراحية في السابع من آب لمعالجة الكسور لتغادر في العاشر منه المستشفى الى المنزل الجبلي في شرتون بعد ان ارتأى الاطباء ان لا خطر عليها في تأجيل معالجة نقطة الدم .

في 12 آب ، وبعد أن ساعدتها ابنتها على تغيير ملابسها ، اشتكت مينيرفا من صداع رهيب وتوفيت بعد فترة وجيزة ، قبل أن ترى حفيدتها الثانية التي كانت حريصة جدًا على مقابلتها.

غياب آلية التنسيق بين المؤسسات الرسمية كان السبب في عدم ذكر اسمها على لائحة ضحايا بيروت في بادىء الأمر، مثلها مثل الكثيرين الذين أصيبوا يوم الانفجار وعانوا ورحلوا بعد الرابع من آب. سعت عائلتها بجهد إلى ضمها الى اللائحة وبالفعل ورد اسمها فيها.

ولأن البشر ليسوا الكائنات الوحيدة التي تحزن لخسارة احبائها، بعد وفاتها بيوم واحد مات كلبها على وسادتها حزنا عليها.

مينيرفا الشرتوني ضحية انفجار مرفأ بيروت، فارقت الحياة ولم تفارق قلوب محبيها.

Arabic