محمد علي

ولد محمد في 13/8/1998، في أكروم الشمالية حيث كان يمضي غالبية أيام عطلته مع أهله في قريته المميّزة بمناخها المنعش وطبيعتها الخلابة. كان شاباً طموحاً ينسج أحلاماً في مخيلته ويعمل لتحقيقها، لكنها ما لبثت أن اصطدمت بالواقع المؤلم، فتغيّرت حياته من شابٍ بسيط يقاوم الأزمة الاقتصادية الخانقة بكل جهدٍ الى مصابٍ يخاف استعمال يده اليمنى التي أصيبت في انفجار مرفأ بيروت الذي لم يرحم لا الحجر ولا البشر.
ما تعرّض له محمد في الرابع من آب، جعله سجين منزله يأبى الخروج والتتنزه في بلدٍ انهارت فيه كل القيّم.
على مقربةٍ من منطقة الدورة مكث محمد الذي كان يعمل كشوفير فان لإحدى الشركات الخاصة، يأخذ قسطاً من الراحة بعد يومٍ طويل ومتعب، وتحديداً في مقهى تحت الأرض، جلس يرتشف فنجاناً من القهوة، بعد دقائق وحوالي الساعة 5:50 بتوقيت بيروت بدأ يسمع صوت هدير طائرةٍ حربية وعلى حد تعبيره كان صوتها يخرق الآذان وينذر بأن كارثةً ما ستحدث قريباً. بعد دقائق قليلة صعد محمد ليرى ما يحدث، فما كان إلا أن دوّى اول انفجار الذي هزّ ارجاء المدينة لتدق ساعة الدم عند الساعة 6:07.
لم يستطع محمد الهروب لأن الانفجار الثاني سبقه وداهمه فسقط باب من الحديد الثقيل على يده اليمنى، وعلى الرغم من وقوع الكارثة الا أنه لم يفقد ادراكه بواجب حماية وجهه. فخرج مسرعاً إلى الشارع معتقداً بأن اسرائيل قصفت واستهدفت المنطقة، ولغرابة المشهد اعتقد بأن الجسر قد قصف على الرغم من ان شكل الجسر لم يتغير بحسب تعبيره. وسط أصوات السيارات وصفارات الإنذار تنقل محمد بين الزجاج المحطم والمندثر في كل مكان، بحثاً عن مستشفى قريبٍ لمعالجة يده التي كانت تسيل منها الدماء، وصل إلى مستشفى المشرق المدمرة ليرى الكوارث! دماء هنا وهناك صراخ أطفال تبحث عن اهاليها وعدد من الجثث الملقاة على الأرض. بعد خروجه من المستشفى، علم أن إصابته طفيفة أمام هول ما شاهده، وبمساعدة صديقٍ له عالج يده المتضررة بوضع ضمادة عليها. بعد ذلك، خضع لجلساتٍ فيزيائية وصفها له الطبيب المختص، إلا أنه حتى اللحظة لا يزال يعاني من ألمٍ في يده لأنه بسبب غلاء الأسعار وضعف الإمكانيات صرف النظر كلياً عن إتمام العلاج.
محمد يخاف اليوم من استعمال يده اليمنى في قضاء حاجاته اليومية بسبب صعوبة كبيرة باستخدامها، وهو غير مستعد ابداً لتكبد عناء العلاج لا مادياً ولا حتى معنوياً، الأهم بالنسبة له اليوم هو معرفة الحقيقة بعيداً عن أي تعويضٍ مادي من قبل الدولة اللبنانية العاجزة عن تأمين أبسط مقومات الحياة لشعبها.

Arabic