محمد علي عباس

محمد علي نعمه عباس الذي فقدته بلدة السكسكية الجنوبية ولد في 25 آذار 1974 باكورة زواج والديه في بيروت حيث كان يعمل أبوه علي في مرفأ بيروت. ترعرع الى جانب اخوته الثلاثة بين بيروت والسكسكية التي انتقلت اليها العائلة، وكان محمد لا يزال في العقد الأول من عمره. لم يكمل تعليمه لأن كرة القدم كانت تستحوذ على تفكيره، فكان لاعبا بارزا في الدفاع وحظي بشهرة على صعيد منطقته. انخرط في سوق العمل متنقلا بين اعمال الكهرباء، الالمنيوم والعمل في معمل للبطاريات، فكان ملما بكل الأعمال التي تتطلب مهارات يدوية او ميكانيكية، وبعدما خدم في التجنيد الإجباري، دبر له والده عملا في مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت منذ 23 عاما، فتميز بالشجاعة والنخوة في العمل، وكرم الأخلاق ازاء زملائه.

الروح الرياضية التي تحلى بها من رياضة كرة القدم اكسبته طبعا مسالما، كريما ومحبا لعائلته. كان الأب والزوج والأخ والإبن والسند لعائلته الصغيرة المكونة من ثلاثة ابناء أكبرهم في الرابعة عشر وأصغرهم في السادسة.

في يوم ٤ آب وقبيل اندلاع الحريق، كان محمد في عمله جالسا مع زملائه عماد زهر الدين، ثروت حطيط وزياد الحاج في الاطفائية، وعندما تبلغوا به، سارع ثروت الى اخماد الحريق، ومعه محمد وعماد علما ان الاخيرين هما من الاداريين وليسا اطفائيين. عند السادسة تلقى محمد اتصالا من ابنه فأخبره لاهثا بأنه مضطر الى انهاء المخابرة. لم تتوقف زوجته عند الأمر، الى ان سمعت دوي الانفجار في السكسكية فتسلل الذعر الى قلبها.

عند الساعة السادسة كان أخوته كالعادة في قهوة على البحر وكانوا متوقعين مجيء محمد في أي لحظة كونه ينهي عمله باكراً بسبب كورونا والإقفال، وإذ سُمع دوي إنفجار آتٍ من البحر. بدأت العائلة بأكملها الإتصال به فلم يلقوا أي جواب...

توجه شقيقه وأقاربه الى مكان الإنفجار، لكن دون نتيجة. تواصلت العائلة مع فرق الانقاذ والمستشفيات، فتضاربت الأخبار عن مصيره. وبعد طول انتظار، تلقى شقيقه اتصالاً عند الساعة الثانية فجراً من المسؤول عن محمد في العمل، أبلغه عن الـعثور على شقيقه وقد استشهد.

والمفارقة ان محمد الذي كان يتحدث مع زوجته نسرين قبل اسبوع عن ضرورة العمل لتأمين مستقبل الأولاد خارج لبنان، أثار فجأه موضوع الشهادة، فتمنى ان يموت شهيداً.

وبذلك يكون محمد انضم إلى قافلة شهداء انفجار مرفأ بيروت تاركاً أولاده وزوجته وعائلته مفجوعين على غيابه.

Arabic