على الرغم من الاصابات البليغة إلتي لحقت به فأن "محمد أورال" ألذي ولد في بيروت قبل واحد وثلاثين عاماً، ما زال يحاول ممارسة حياته بجدٍ ونشاط كما كان من قبل. هو يرفض أن يدخل في تعقيدات التشاؤم، بل يكافح للحفاظ على شعاع نور الأمل في داخله.
من هواياته التي كان يمارسها بشغفٍ بعد انتهائه من دوام عمله، السباحة ولعبة كرة القدم ليملأ بهما وقت فراغه.
وعلى الرغم من الاصابة التي تعيق تحريك يديه الا أنه لا يزال وبالشغف نفسه يمارس هوايتيه المفضلتين.
قبل أن يخرج المنافقون الأكثر أجراماً ويطعنون بيروت في ظهرها في ذلك الثلاثاء الاسود كان لمحمد مهنتان يعتاش منهما. فهو قبل الظهر كان يعمل في كاراجٍ لتصليح السيارات، وبعد الظهر، في مرآبٍ للسيارات في منطقة الجميزة. يروي محمد تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم الذي حطّم مستقبله: "في الوقت الذي كان يقوم بعمله كالمعتاد وصل صديقه ليطلب منه نقله إلى منطقة الدورة، على الفور، ركب دراجته النارية وصديقه خلفه ليوصله الى المكان الذي يقصده، ولدى اقترابهما من المرفأ شاهد محمد ناراً منبعثة من أحد العنابر، نزل عن دراجته، واقترب من مكان الحريق بدافع الفضول محاولاً توثيق لقطاتٍ حية للنار المشتعلة بواسطة هاتفه الخلوي. فجاةً شعر وكأن سيفاً نزل على رأسه وشطره إلى نصفين. لم يفقد وعيه، لكنه شعر باختناقٍ حاد. لحظات من الضياع عاشها محمد أنطمست فيها ذاكرته ليصبح منفصماً عما يدور حوله.
نقل إلى مستشفى الجامعة الاميركية وبعد اجراء الاسعافات الاولية التي أعادت تماسكه ليشعر بأوجاعٍ الكسور الكبيرة في رقبته وظهره نتيجة سقوط عامود الكهرباء عليه، جعلته يدرك أن صاعقة الموت قد ضربته، ولكن الله أنقذ حياته.
أمضى محمد في المستشفى حوالي الشهر حيث أجريت له سبع عمليات جراحية. أستطاع فيها الاطباء تجنيبه من الإصابة بالشلل. صحيح أن محمد قد عاد إلى منزله لكن ليس بكامل صحته، بسبب إصابة يده اليمنى بضربةٍ قوية تحتاج إلى رحلة علاجٍ طويلة وباهظة نظراً لتكلفة العملية غير المتوفرة والتي يحتاج الى سنواتٍ عديدة لجمعها، في حين يصعب عليه معاودة مزاولة مهنته التي تتطلب مهارةً وقوة يدوية .
لم تقتصر إصابة محمد فقط على منطقة الظهر والرقبة واليد إنما أيضاً ونتيجة الحريق الهائل تشوهت بشرة وجهه وفقدت نضارتها.
خضع لعملياتٍ جراحية عديدة، لكن عملية إزالة "البراغي" لم تتم حتى اليوم بسبب ضيق الحال.
يقول محمد:" لا أستطيع تفسير ما حدث معي، إلا أننا في دولة لا تستطيع إخضاع الفاسدين لقوانينها بل على العكس هم الذين يسقونها من فسادهم فتضيع حقوق المواطن وتصبح من دون أهمية."