لم يخطر ببال الشاب البنغالي راشد حفيزور حين اتى الى لبنان قبل اربع سنوات ونصف ان تكون بيروت آخر محطة في حياته، كل ما كان يريده ان يجد عملا ليعيل عائلته الصغيرة في بنغلادش حيث لا أفق للعمل او لتوفير المال ليبني مستقبله بالزواج وتكوين عائلة، ولم يتوقع ذووه ان يستقبلوا إبنهم جثة هامدة بعد غربة اجبر عليها في سبيل ابسط متطلبات الحياة.
فراشد ابن الثماني والثلاثين عاما قصد لبنان للعمل بعد وفاة والده، لكن الحظ لم يحالفه في البداية، واساه شبان من موطنه كان يسكن معهم في منطقة ساقية الجنزير في بيروت، ومن بينهم ابن خالته. راشد الهادئ تحلى بالصبر وظل محافظا على رباطة جأشه، فإن هذا الشخص الضحوك الذي يحب الحياة التي عادت وضحكت له بعدما وجد عملا كعامل نظافة في مطعم في منطقة الجميزة القريبة من مرفأ بيروت.
أحب راشد عمله وكان كل ليلة يعود الى بيته ويعرج على جاره وصديقه نورول ليتشارك مع صديق الغربة وابن البلد الواحد الهموم والفرح ومسائل الحياة، بحيث كان الصديقان يسهران وأصدقائهما في جو من المحبة والترابط.
وفي يوم ٤ آب، وعند وقوع الإنفجار المشؤوم، كان راشد يزاول عمله في المطعم الذي يعد وجبات من المطبخ الصيني ويرسلها بحسب طلب الزبائن الى المنازل بحكم الاقفال الذي طاول الأماكن العامة والمطاعم بسبب تفشي فيروس كورونا.
وعند السادسة والدقيقة السابعة مساء هز انفجار وسط بيروت، فخرج راشد من المطعم ليتحقق من الحدث عله يعلم ما هو سبب هذه الصاعقة التي حلت فجأة، لكن الزجاج ما لبث ان خدعه ووقع على صدره مسسباً له العديد من الإصابات في أنحاء من جسده.
على أثر ذلك نُقِل راشد الى المستشفى لكنه ما لبث ان فارق الحياة قبل وصوله تاركاً وراءه والدة مفجوعة ودعت ابنها شابا في مقتبل العمر وعاد إليها جثة هامدة بدون سابق إنذار.