روان مصطو

وردة عشرينيّة غادرت عائلتها بغفلة عين، بدون إنذار مُسبق. روان مستو كانت في ريعان شبابها يضجّ وجدانها بأحلام وطموحات لا مثيل لها. هذه الوردة المُفعمة بالحياة والفرح التحقت بموكب ضحايا إنفجار مرفأ بيروت. إختار القدر المتمرّدة، الدّلوعة وصاحبة الوجه الجميل، لتغادر الدّنيا التي لم تكن تسعها.

روان تلقّت تعليمها في مدارس الأرمن في سن الفيل، ثمّ تخرّجت من ثانويّة صوفيا هاغوبيان - قسم البكالوريا. أكملت في معهد قصر العلوم سنتين من مسيرة أكاديميّة لتحقيق حلمها بدراسة الإخراج، ولم تنتظر إنهاء دراستها لكي تعمل في مجال تخصّصها، فشغفَها بتحقيق حلمها تجلّى باستباق شهادتها، إذ شاركت في مسلسل العرّاب وفي كليب أغنية "بدنا نولّع الجو" للفنّانة نانسي عجرم و في أغنية "بعدو بيسألني" للفنّانة مايا دياب وظهرت في إعلانات لسلسلة مطاعم الوجبات السريعة وفي عدد من الكليبّات والمسلسلات الأخرى...

أحبّت روان بيروت فكتبت بعضاً من بيوت الشّعر والخواطر عنها، وحرصت على توثيق اللّحظات الجميلة في حياتها، لذا كانت عدسة كاميرتَها هي المرافقة لها دائماً.

روان أو رورو كما كان يناديها محبّوها عُرفت بأنّها المتمرّدة على كل مصائب وهموم الحياة والجميلة والأنيقةُ والمهذّبة. كانت قد رسمت لحياتها طريق كطريقِ النّحل، طريق أسّسته بنفسها ولنفسها. أحبّت الطبيعة فكانت تحافظ على البيئة وجعلت من الحيوانات الأليفة وخاصة القطط صديقة لها.

كانت كلّ يوم تسافر مع ألحان فيروز في الصّباح، كان احتساء القهوة مع والدتها من مقدّساتها، فلا تخلو القعدة من الأحاديث الطّويلة والضّحكات والنّهفات والمشاورات اللّامتناهية. في الرّابع من آب انفجرت مواد خطرة في مرفأ بيروت فنكبتْ المدينة ويومها وتحوّلت رائحة العطر إلى روائح من دم ورماد...

كانت روان تعمل في مقهى في مار مخايل، غادرت منزلها قرابة السّادسة إلّا ربع متّجهة إلى هناك، دوى الانفجار، واختفت روان عن السّمع والرّؤية، لم يُعثر عليها إلّا في اليوم التّالي في مستشفى رزق بعد أن بحثت العائلة وزملاء لها في جميع المستشفيات في بيروت بدءً من الورديّة إلى الرّوم إلى مستشفى الجعيتاوي وصولاً لمستشْفى جبل لبنان، كما عمّموا صورها على مواقع التّواصل الإجتماعي. وبحسب التّقرير الطّبي فإنّ سبب وفاة روان ناتج عن توقّف في عضلة القلب إثر الإنفجار.

Arabic