في كفور النّبطيّة عام 1965، ولد روبير وترعرع في عائلة مؤلّفة من خمسة أبناء هو رابعهم وابنتين. عند بلوغه السّابعة عشر من العمر دخل الجيش وعايش آنذاك حروباً عديدة ونال نصيبه من الإصابات في سبيل الدّفاع عن الوطن وحفظ أمنه.
كان وفيّاً، نذر حياته في سبيل وطنه ولطالما قال "أنا للبنان بس. كان روبير إنسانًا مؤمناً ومتديّناً، خدوماً ومحبّاً، مضيافاً ورياضيّاً. وهو في عيون هدى "أجمل إنسان في الدّنيا.
تعرّف على زوجته هدى في التسعينيّات من القرن الماضي، وتزوّجا عام 1996، ورزقا بثلاثة أطفال، وسعى روبير طوال حياته إلى توفير مستوى معيشة أفضل لعائلته، حيث احتفظ بتعويض الجيش بعدما تقاعد برتبة معاون أوّل، ليمنحه لولديه وابنته.
وفي ظل تردّي الأوضاع الاقتصاديّة، وسعياً لتحسين حال العائلة وتأمين حياة هانئة لأولاده، انتقل روبير للعيش في بيروت في منطقة الصّيفي ثم لحقت به عائلته بعد دخول أبنائه الجامعات فسكنوا في منطقة الدّكوانة. لكن بعد انتشار جائحة كورونا انتقلت العائلة للعيش في الجنوب، وظلّ روبير وحيداً في بيروت حيث صار يتنقّل بين منزله هناك والصّيفي حيث عمل كسائق لدى إحدى العائلات، وظلّ يعمل في هذه الوظيفة حتّى ذاك اليوم الأليم.
عند وقوع الانفجار عند السّادسة وسبع دقائق، كان روبير في طريق العودة إلى منزل العائلة التي يعمل لديها، عندما توّقف لملء خزان السيارة بالوقود في محطّة أمام المرفأ. عندما شقّ الإنفجار سلام المدينة، تسبّب بسقوط جسم صلب على رأسه، فأصيب روبير على الفور بنزيف خارجي ونزيف داخلي وكسر في الجمجمة. حاولت عائلته مراراً وتكراراً مهاتفته ولكن دون جدوى. واستمرّت عمليّات البحث عنه وسط الدّخان والدّمار والفوضى إلى صباح اليوم التّالي، حينذاك، حدد مكان روبير عن طريق نظام ال gps الموجود في سيارة العائلة، ليُنقل إلى مستشفى مار يوسف في الدّورة. توجّهت عائلته إلى هناك وتعرّفت على جثّته، واصطحبته معها إلى مسقط رأسه في الكفور، لتدفنه ويبقى جرحاً في نفس كل فرد من عائلته، لا يمكن أن يلتئم وكأنّ الانفجار أتى عليهم جميعاً.
هو انفجار الرّابع من آب، الكارثة الكبرى التي سرقت من المحبّين فرصة الوداع الأخيرة والكلمة الأخيرة، لتطوي معها كتاب عمر أعزّاء لم يتركوا الدّنيا كما دخلوها، بل تركوها خواء ولوعة...