طانيوس المر

نشأ وترعرع في كنف أسرة مؤلّفة من عشرة أفراد، الأم ملكة أيوب والأب مخايل وخمس فتيات وثلاثة فتيان. تلقّى طانيوس تعليمه في قريته بتغرين في المتن الشّمالي، ففي تلك الحقبة من الزّمن، كانت الأولويّة هي لتعلّم صنعة وإتقانها بحرفيّة بغية كسب النّقود ومساندة العائلة ماديّاً.

بداية مسيرته المهنيّة كانت في الخياطة لدى مصمّمين كبار، ومع الحرب الأهليّة 1975 وما ترافق معها من أحداث وتفلّت أمني ما دفع دور الأزياء إلى الإقفال، لجأ المعلّم طوني كما يسمّونه أهل ضيعته، خلال هذه الفترة إلى العمل في الشّحن البري والسّفر إلى الدّول العربيّة، إلى أن عاد إلى صنعته الأولى: الخياطة. زاول مهنته بكلّ شغف ومحبّة، كان المُبدع، المُتقن لعمله بكل حرفيّة، ومحط امتنان وتقدير لكل من تعامل معه. عقود من الزّمن عمل فيها مع مصمّمين محليّين مشهورين الذين استعانوا بخبراتِه لتنفيذِ تصاميمِهم من "أزياء راقية".

طوني محبوب ومُحبّ، كريم الّنفس، خدوم، وحنون. تزوّج من السّيدة نوال يوسف المر عام 1981، ولهما ثلاثة شبّان: روني، هنري وأندريه. كان الزّوج المُخلص والأب الحريص على تأمين مستقبل زاهر لأولاده، عمل جاهداً لتأمين الأفضل لهم، فأرسلَهم للخارج لإكمال تعليمهم. قرّر المعلّم طوني مؤخراً أن يُساند زوجته بالخياطة والتّصميم من المنزل، قبل أن يُقرّرا زيارة أولادهم في لندن كما اعتادا، فحجزا تذاكر السّفر في 7 آب 2020 ." ولكن شاء القدر أن يكتب نهاية لقصة المعلّم طوني مُغايرة لما رسمه الزّوجان.

في الرّابع من آب، شاء القدر أن يقوم طوني وزوجته بـزيارةِ عمل في الجمّيزة، في السّادسة مساء، ما هي إلّا دقائق حتى وقع انفجار المرفأ وأصيب المعلّم طوني. لحظات وكأنّها ساعات جُهنّم على الأرض. بالرّغم من الإصابات التي تلقّتها زوجته، إلاّ أنّ عزيمتها كانت أقوى، ونهضت لطلب يد المساعدة لإنقاذ زوجها، في ظلّ الدّمار الحاصل وانقطاع الاتّصالات، لتنجح الزّوجة بإيصال زوجها إلى مستشفى الورديّة المدمّر، فتنقلُه من بعدها إلى مستشفى الجعيتاوي الذي لم يكن أفضل حال، ثمّ إلى مستشفى ماريوسف وصولاً إلى مستشفى هارون الذي استقبله وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ويلقى حتفه فيها. وبحسب التّقرير الطّبي فإنّ الوفاة ناتجة عن نزيف قويّ وإصابات بالغة.

Arabic