زيد ميتا

طيبة نادرة تلك التي كانت تسكن قلب زيد ميتا. لم يغره المال يوماً، مسافات شاسعة كانت تفصله عن الغرور والتكبر. روحه الطيبة كانت كعجينة لينة طوعها في خدمة أبناء بلدته بر الياس بشكل خاص، وابناء البقاع بشكل عام

طوال حياته بقي هو هو المزارع ابن الارض. جعل الاراضي الشاسعة التي كان يملكها كماء الذهب، كحلم الفردوس في عطائها واخضرارها. يقول من يعرفه أن احلامه كانت كبيرة منذ الصغر، كانت دائما مجبولة بالفرح وسلاحه الأمضى في الحياة كان دائماً التفاؤل.

تعامله مع العاملين لديه كان دائماً ندياً إذ أنه كان مؤمنا دائماً أن حب الناس هو اليقين الوحيد الذي لا يموت. كان مذهلاً في هدوء طبعه، يحاول أن يجد دائماً الاعذار للذين يسيئون اليه.

شكل العمل السياسي مساحة هامة في حياة زيد ميتا. كان المحرك الاساسي لمركبة شقيقه النائب السابق علي ميتا في كل المعارك الانتخابية التي خاضها. بسرعة جعل من صورة شقيقه أليفة لدى الناس، فانتخبوه ممثلا لهم في الندوة النيابية في دورة عام 1992.

في علاقته العائلية لم يكن زيد ميتا قلباً دافئاً فقط يفيض بعنايته واهتمامه على الجميع من الأبناء حتى الأحفاد. لعب دور ضابط الايقاع فممنوع ان يخرج أحد من بيته بوجه حزين. رأيه الحكيم كان يقرب المسافات ويضيق شق الخلافات. تخرج الكلمات من فمه كما يخرج الماء من الصخور.

كان مؤمنا لذلك كنت تراه يخرج للصلاة عند الفجر فرحاً مطمئناً. كان زيد في الساسة والثمانين من العمر عندما اتى وباء الكورونا متسللاً إلى جسمه، تغلل فيه كجرح مفتوح. أيام عديدة عانى فيها من جمر الوجع قبل نقله إلى المستشفى، الى ان جاء الرابع من آب. يا له من مشهد يأتي خارج التوقعات، يمسح عمرنا بثوان. في ذلك اليوم لم يكن زيد ميتا يعلم ان بيروت التي احبها ستتحول في لحظات الى مدينة مرصودة للخراب، وأن الرعب ينتظر خلف الجدار.th تطاير كل ما حوله في مستشفى القديس جاورجيوس ما أدى الى انقطاع جهاز التنفس عن رئتيه. زيد بقي حياً ونقل الى مستشفى رفيق الحريري لكن كان اليباس قد تمدد في الرئتين واستفحل، ولم يعد ينفع العلاج.

يومان قضاهما زيد ميتا في منزله، وبين أهله قبل ان تتدحرج روحه خلف ممرات السماء. غادرنا تاركا لنا وطناً مازال ينزف على خشبة الصلب من دون حساب.

Arabic